حَتَّى يَلْحَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ قَالَ: يَا سَلَمَةُ إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ فَلا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ! فَخَلَّيْتُ عَنَانَ فَرَسِهِ فَيَلْحَقَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ وَيَعْطِفُ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. فَاخْتَلَفَا طَعْنَتَيْنِ فَعَقَرَ الأَخْرَمُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ. فَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ. فَتَحَوَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى فَرَسِ الأخرم فيلحق أبو قتادة بعبد الرحمن فاختلف طَعْنَتَيْنِ فَعَقَرَ بِأَبِي قَتَادَةَ وَقَتَلَهُ أَبُو قَتَادَةَ.
وَتَحَوَّلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى فَرَسِ الأَخْرَمِ ثُمَّ إِنِّي خَرَجْتُ أَعْدُو فِي أَثَرِ الْقَوْمِ حَتَّى مَا أَرَى مِنْ غُبَارِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا وَيَعْرِضُونَ إِلَى شِعْبٍ فِيهِ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ ذُو قَرَدٍ. فَأَرَادُوا أَنْ يَشْرَبُوا مِنْهُ فَأَبْصَرُونِي أَعْدُو وَرَاءَهُمْ فَعَطَفُوا عَنْهُ وَأَسْنَدُوا فِي الثَّنِيَّةِ ثَنِيَّةِ ذِي دُبُرٍ وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَأَلْحَقُ رَجُلا فَأَرْمِيَهُ فَقُلْتُ: خُذْهَا!
وَأَنَا ابْنُ الأَكْوَعْ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ!
فَقَالَ: يَا ثَكَلَ أُمِّي! أَأَكْوَعِيٌّ بَكْرَةَ؟ قَالَ: قُلْتُ نَعَمْ يَا عَدُوَّ نَفْسِهِ! فَكَانَ الَّذِي رَمَيْتُهُ بَكْرَةَ فَاتَّبَعْتُهُ بِسَهْمٍ آخَرَ فَعَلِقَ فِيهِ سَهْمَانِ وَيَخْلُفُونَ فَرَسَيْنِ فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى الْمَاءِ الَّذِي حَلأْتُهُمْ عَنْهُ ذُو قَرَدٍ. فَإِذَا نَبِيُّ اللَّهِ فِي خَمْسِمِائَةٍ. وَإِذَا بِلالٌ قَدْ نَحَرَ جَزُورًا مِمَّا خَلَّفْتُ فَهُوَ يَشْوِي لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا. فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ خَلِّنِي فَأَنْتَخِبُ مِنْ أَصْحَابِكَ مِائَةً فَآخُذُ عَلَى الْكُفَّارِ بِالْعَشْوَةِ فَلا يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِرٌ إِلا قَتَلْتُهُ. قَالَ: أَكُنْتَ فَاعِلا ذَلِكَ يَا سَلَمَةُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. وَالَّذِي أَكْرَمَكَ! فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ فِي ضَوْءِ النَّارِ ثُمَّ قَالَ: [إِنَّهُمُ الآنَ يُقْرَوْنَ بِأَرْضِ بَنِي غَطَفَانَ] . فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ غَطَفَانَ فَقَالَ: مُرُّوا عَلَى فُلانٍ الْغَطَفَانِيِّ فَنَحَرَ لَهُمْ جَزُورًا. فَلَمَّا أَخَذُوا يَكْشِطُونَ جِلْدَهَا رَأَوْا غَبَرَةً فَتَرَكُوهَا وَخَرَجُوا هُرَّابًا. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا [قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. ص:
خَيْرُ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا الْيَوْمَ سَلَمَةُ] . فَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
سَهْمَ الرَّاجِلِ وَالْفَارِسِ ثُمَّ أَرْدَفَنِي وَرَاءَهُ عَلَى الْعَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ. فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا قَرِيبًا مِنْ ضَحْوَةَ. وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ لا يُسْبَقُ جَعَلَ يُنَادِي:
هَلْ مِنْ مُسَابِقٍ؟ أَلا رَجُلٌ يُسَابِقُ إِلَى الْمَدِينَةِ؟ فَأَعَادَ ذَلِكَ مِرَارًا وَأَنَا وراء رسول الله.
ص. مُرْدِفِي فَقُلْتُ لَهُ: مَا تُكْرِمُ كَرِيمًا وَلا تَهَابُ شَرِيفًا؟ قَالَ: لا إِلا رَسُولُ اللَّهِ.
ص. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي خلني فلا سابق الرَّجُلَ! فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ. فَقُلْتُ: اذْهَبْ إِلَيْكَ. فَطَفَرَ عَنْ رَاحِلَتِهِ وَثَنَيْتُ رِجْلَيَّ فَطَفَرْتُ عَنِ الناقة ثم