بأبي نائلة. قَالَ مُحَمَّد بْن مسلمة: فذكرت مغولا كَانَ فِي سيفي فانتزعته فوضعته فِي سرته ثُمَّ تحاملت عَلَيْهِ فقططته حتى انتهى إلى عانته. فصاح عدو اللَّه صيحة ما بقي أطم مِن آطام يهود إلا أوقدت عَلَيْهِ نار. ثُمَّ حزوا راسه وحملوه معهم. فلما بلغوا بقيع الغرقد كبروا وقد قَامَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تلك الليلة يصلي. فلما سَمِعَ تكبيرهم كبر وعرف أن قد قتلوه. ثُمَّ انتهوا إلى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: [أفلحت الوجوه! فقالوا: ووجهك يا رَسُول اللَّهِ. ورموا برأسه بين يديه. فحمد اللَّه عَلَى قتله. فلما أصبح قَالَ: مِن ظفرتم بِهِ مِن رجال يهود فاقتلوه!] فخافت اليهود فلم يطلع منهم أحد ولم ينطقوا وخافوا أن يبيتوا كما بيت ابن الأشرف.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ مَعْمَرٍ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ. فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: «وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً» آل عمران: 186. قَالَ: هُوَ كَعْبُ بْنُ الأَشْرَفِ. وَكَانَ يُحَرِّضُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ يَعْنِي فِي شِعْرِهِ. يَهْجُو النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابَهُ.

فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ خَمْسَةُ نَفَرٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِيهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَجُلٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ أَبُو عَبْسٍ. فَأَتَوْهُ وَهُوَ فِي مَجْلِسِ قَوْمِهِ بِالْعَوَالِي. فَلَمَّا رَآهُمْ ذُعِرَ مِنْهُمْ وَأَنْكَرَ شَأْنَهُمْ.

قَالُوا: جِئْنَاكَ فِي حَاجَةٍ قَالَ: فَلْيَدْنُ إِلَيَّ بَعْضُكُمْ فَلْيُخْبِرْنِي بِحَاجَتِهِ. فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالُوا: جِئْنَاكَ لِنَبِيعَكَ أَدْرَاعًا عِنْدَنَا لِنَسْتَنْفِقَ بِهَا. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ لَقَدْ جُهِدْتُمْ مُذْ نَزَلَ بِكُمْ هَذَا الرَّجُلُ. فَوَاعَدُوهُ أَنْ يَأْتُوهُ عِشَاءً حِينَ تَهْدَأُ عَنْهُمُ النَّاسُ.

فَنَادَوْهُ. فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: مَا طَرَقَكَ هَؤُلاءِ سَاعَتَهُمْ هَذِهِ لِشَيْءٍ مِمَّا تُحِبُّ! قَالَ: إِنَّهُمْ حَدَّثُونِي بِحَدِيثِهِمْ وَشَأْنِهِمْ.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ فَكَلَّمُوهُ وَقَالَ: مَا تَرْهَنُونَ عِنْدِي؟ أَتَرْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ؟ وَأَرَادَ أَنْ يُسْلِفَهُمْ تَمْرًا.

قَالُوا: إِنَّا نَسْتَحِي أَنْ يُعَيَّرَ أَبْنَاؤُنَا فَيُقَالُ هَذَا رَهِينَةُ وَسْقٍ وَهَذَا رَهِينَةُ وَسْقَيْنِ! قَالَ:

فَتَرْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ؟ قَالُوا: أَنْتَ أَجْمَلُ النَّاسِ وَلا نَأْمَنُكَ. وَأَيُّ امْرَأَةٍ تَمْتَنِعُ مِنْكَ لِجَمَالِكَ؟ وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ سِلاحَنَا وَقَدْ عَلِمْتَ حَاجَتَنَا إِلَى السِّلاحِ الْيَوْمَ! قَالَ: نَعَمِ ائْتُونِي بِسِلاحِكُمْ وَاحْتَمِلُوا مَا شِئْتُمْ. قَالُوا: فَانْزِلْ إِلَيْنَا نَأْخُذْ عَلَيْكَ وَتَأْخُذْ عَلَيْنَا.

فَذَهَبَ يَنْزِلُ. فَتَعَلَّقَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ وَقَالَتْ: أَرْسِلْ إِلَى أَمْثَالِهِمْ مِنْ قَوْمِكَ يَكُونُوا مَعَكَ. قال: لو وجدني هَؤُلاءِ نَائِمًا مَا أَيْقَظُونِي. قَالَتْ: فَكَلِّمْهُمْ مِنْ فوق البيت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015