أَوَّلُ مَنْ بَلَغَنَا أَنَّهُ تَظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْسُ بْنُ صَامِتٍ الْوَاقِفِيُّ. وَكَانَتْ تَحْتَهُ ابْنَةُ عَمِّهِ خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ. وَكَانَ رَجُلا بِهِ لَمَمٌ زَعَمُوا. فَقَالَ لابْنَةِ عَمِّهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ تَكَلَّمْتَ بِكَلامٍ عَظِيمٍ. مَا أَدْرِي مَا مَبْلَغُهُ. ثُمَّ عَمَدَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَصَّتْ أَمْرَهَا وَأَمْرَ زَوْجِهَا عَلَيْهِ. فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى أَوْسِ بْنِ صَامِتٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: مَاذَا تَقُولُ ابْنَةُ عَمِّكَ؟ فَقَالَ: صَدَقَتْ. قَدْ تَظَهَّرْتُ مِنْهَا وَجَعَلْتُهَا كَظَهْرِ أُمِّي. فَمَا تَأْمُرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ؟ [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لا تَدْنُ مِنْهَا وَلا تَدْخُلْ عَلَيْهَا حَتَّى آذَنَ لَكَ] . قَالَتْ خَوْلَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَهُ مِنْ شَيْءٍ وَمَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ إِلا أَنَا.

وَكَانَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ كَلامٌ سَاعَةً ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ: «قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما» المجادلة: 1. إِلَى آخِرِ الآيَاتِ. فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ مِنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ. فَقَالَ أَوْسٌ: لَوْلا خَوْلَةُ هَلَكْتُ.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ مِنْ ظَاهَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ آخِرَ الدَّهْرِ. فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ ظَاهَرَ فِي الإِسْلامِ أَوْسُ بْنُ صَامِتٍ وَكَانَ بِهِ لَمَمٌ. وَكَانَ يُفِيقُ فَيَعْقِلُ بَعْضَ الْعَقْلِ فلاحى امْرَأَتَهُ خَوْلَةَ بِنْتَ ثَعْلَبَةَ أُخْتَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَزِيدَ بْنِ ثَعْلَبَةَ فِي بَعْضِ صَحَوَاتِهِ فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. ثُمَّ نَدِمَ عَلَى مَا قَالَ فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: مَا أَرَاكِ إِلا قَدْ حَرِمْتِ عَلَيَّ. قَالَتْ: مَا ذَكَرْتَ طَلاقًا وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا التَّحْرِيمُ فِينَا قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ فسله عما صنعت. فقال: إني لأستحي منه أن أسأله عن هذا فأتي أَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَسَى أَنْ تُكْسِبِينَا مِنْهُ خَيْرًا تُفَرِّجِينَ بِهِ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ. فَلَبِسَتْ ثِيَابًا ثُمَّ خَرَجَتْ حَتَّى دَخَلَتْ عَلَيْهِ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَوْسًا مَنْ قَدْ عَرَفْتَ. أَبُو وَلَدِي وَابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ. وَقَدْ عَرَفْتَ مَا يُصِيبُهُ مِنَ اللَّمَمِ وَعَجْزِ مَقْدِرَتِهِ وَضَعْفِ قُوَّتِهِ وَعِيِّ لِسَانِهِ وَأَحَقُّ مَنْ عَادَ عَلَيْهِ أَنَا بِشَيْءٍ إِنْ وَجَدْتُهُ وَأَحَقُّ مَنْ عَادَ عَلَيَّ بِشَيْءٍ إِنْ وَجَدَهُ هُوَ. وَقَدْ قَالَ كَلِمَةً. وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مَا ذَكَرَ طَلاقًا. قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: مَا أَرَاكِ إِلا قَدْ حُرِّمْتِ عَلَيْهِ. فَجَادَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ مِرَارًا ثُمَّ قَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ شِدَّةَ وَجْدِي وَمَا شَقَّ عَلَيَّ مِنْ فِرَاقِهِ. اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ مَا يَكُونُ لَنَا فِيهِ فَرَجٌ. قَالَتْ: عَائِشَةُ: فَلَقَدْ بَكَيْتُ وَبَكَى مَنْ كَانَ مَعَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ رَحْمَةً لَهَا وَرِقَّةً عَلَيْهَا. فَبَيْنَا هِيَ كَذَلِكَ بَيْنَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015