أَيَّامًا حَتَّى قَتَلَ الأَسْرَى وَفَرَّقَ السَّبْيَ. ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ فَتَحَيَّيْتُ مِنْهُ حَيَاءً فَدَعَانِي فَأَجْلَسَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ [فَقَالَ: إِنِ اخْتَرْتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ اخْتَارَكِ رَسُولُ اللَّهِ لِنَفْسِهِ] .

فَقُلْتُ: إِنِّي أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَلَمَّا أَسْلَمْتُ أَعْتَقَنِي رَسُولُ اللَّهِ وَتَزَوَّجَنِي وَأَصْدَقَنِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا كَمَا كَانَ يُصْدِقُ نِسَاءَهُ. وَأَعْرَسَ بِي فِي بَيْتِ أُمِّ الْمُنْذِرِ. وَكَانَ يَقْسِمُ لِي كَمَا كَانَ يَقْسِمُ لِنِسَائِهِ. وَضَرَبَ عَلَيَّ الْحِجَابَ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ مُعْجَبًا بِهَا.

وَكَانَتْ لا تَسْأَلُهُ إِلا أَعْطَاهَا ذَلِكَ. وَلَقَدْ قِيلَ لَهَا: لَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ رَسُولَ اللَّهِ بَنِي قُرَيْظَةَ لأَعْتَقَهُمْ. وَكَانَتْ تَقُولُ: لَمْ يَخْلُ بِي حَتَّى فَرَّقَ السَّبْيَ. وَلَقَدْ كَانَ يَخْلُو بِهَا وَيَسْتَكْثِرُ مِنْهَا. فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَتْ مَرْجِعَهُ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَدَفَنَهَا بِالْبَقِيعِ. وَكَانَ تَزْوِيجُهُ إِيَّاهَا فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كَانَتْ رَيْحَانَةُ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَكَانَتِ امْرَأَةً جَمِيلَةً وَسِيمَةً. فَلَمَّا قُتِلَ زَوْجُهَا وَقَعَتْ فِي السَّبْيِ فَكَانَتْ صَفِيَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ. فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ بَيْنَ الإِسْلامِ وَبَيْنَ دِينِهَا فَاخْتَارَتِ الإِسْلامَ. فَأَعْتَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ وَتَزَوَّجَهَا وَضَرَبَ عَلَيْهَا الْحِجَابَ. فَغَارَتْ عَلَيْهِ غَيْرَةً شَدِيدَةً فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً وَهِيَ فِي مَوْضِعِهَا لَمْ تَبْرَحْ فَشَقَّ عَلَيْهَا وَأَكْثَرَتِ الْبُكَاءَ.

فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَرَاجَعَهَا. فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَتْ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ تُوُفِّيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّصْرِيُّ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ رَيْحَانَةُ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ وَكَانَتْ مُتَزَوِّجَةً فِي بَنِي قُرَيْظَةَ رَجُلا يُقَالُ لَهُ حَكِيمٌ فَأَعْتَقَهَا رَسُولُ اللَّهِ وَتَزَوَّجَهَا. وَكَانَتْ مِنْ نِسَائِهِ يَقْسِمُ لَهَا كَمَا يَقْسِمُ لِنِسَائِهِ. وَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهَا الْحِجَابَ.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَتْ رَيْحَانَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ خَنَافَةَ قُرَظَيَّةً. وَكَانَتْ مِنْ مِلْكِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَمِينِهِ فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا. فَكَانَتْ فِي أَهْلِهَا تَقُولُ: لا يَرَانِي أَحَدٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهَلْ مِنْ وَجْهَيْنِ: هِيَ نَضَرِيَّةٌ وَتُوُفِّيَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا مَا رُوِيَ لَنَا فِي عِتْقِهَا وَتَزْوِيجِهَا وَهُوَ أَثْبَتُ الأَقَاوِيلِ عِنْدَنَا وَهُوَ الأَمْرُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَرْوِي أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ الله لم يعتقها.

وكان يطأها بِمِلْكِ الْيَمِينِ حَتَّى مَاتَتْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015