وَأَوْصَى إِلَى أبي فَمَا سَمِعْتُهُ حَالِفًا عَلَى يَمِينٍ بَرَّةٍ وَلا فَاجِرَةٍ حَتَّى فَرَّقَ الْمَوْتُ بَيْنَنَا.

قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا حَتَّى مَاتَ. قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ بِيَدِ ابْنِ عَوْنٍ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا قَطُّ وَلا رَأَيْتُهُ يَزِنُ شَيْئًا قَطُّ. وَكَانَ إِذَا تَوَضَّأَ لِلصَّلاةِ لا يُعِينُهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ. وَكَانَ يَمْسَحُ وَجْهَهُ إِذَا تَوَضَّأَ بِالْمِنْدِيلِ أَوْ بِخِرْقَةٍ. قَالَ: وَكَانَ لا يُبَكِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ ذَاكَ التَّبْكِيرَ الَّذِي يُعْرَفُ وَلا يُؤَخِّرُهَا. وَكَانَ أَحَبَّ الأُمُورِ إِلَيْهِ أَوْسَطُهَا وَالاخْتِلاطُ بِالْجَمَاعَةِ. وَكَانَ يَغْتَسِلُ الجمعة والعيدين ويتطيب للجمعة وللعيدين وَيَرَى ذَلِكَ سُنَّةً.

وَكَانَ طَيِّبَ الرِّيحِ فِي سَائِرِ الأَيَّامِ لَيِّنَ الْكِسْوَةِ. وَكَانَ يَلْبَسُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ أَنْظَفَ ثِيَابِهِ. وَكَانَ يَأْتِي الْجُمُعَةَ مَاشِيًا وَرَاكِبًا وَلا يُقِيمُ بَعْدَ صَلاةِ الْجُمُعَةِ. وَكَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لا يَزِيدُ عَلَى الْمَكْتُوبَةِ فِي الْجَمَاعَةِ. ثُمَّ يَخْلُو فِي بَيْتِهِ. وَكَانَ إِذَا خَلا فِي مَنْزِلِهِ إِنَّمَا هُوَ صَامِتٌ لا يَزِيدُ عَلَى الْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّنَا. وَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَوْنٍ دَخَلَ حَمَّامًا قَطُّ. وَكَانَ لَهُ وَكِيلٌ نَصْرَانِيُّ يُحْيِي غَلَّةَ دَارِهِ. وَكَانَ سُكَّانُهُ فِي دَارِهِ الَّتِي هُوَ فِيهَا نَصَارَى وَمُسْلِمِينَ وَالدَّارِ الَّتِي فِي السُّوقِ. وَكَانَ يَقُولُ: يَكُونُ تَحْتِي نَصَارَى لا يَكُونُ تَحْتِي مُسْلِمُونَ.

وَكَانَ يَسْكُنُ أَعْلَى دَارِهِ. وَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ يُصَلِّي بِنَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. وَكَانَ لَهُ مَسْجِدٌ فِي دَارِهِ يُصَلِّي فِيهِ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا وَمَنْ حَضَرَهُ مِنْ إِخْوَانِهِ وَسُكَّانِهِ وَوَلَدِهِ. وَكَانَ يُؤَذِّنُ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ زَيْدٌ. وَيُقِيمُ يُؤَذِّنُ مَثْنَى مَثْنَى. وَيُقِيمُ وَتْرًا وَتْرًا. وَكَانَ رُبَّمَا أَمَّنَا ابْنُ عَوْنٍ وَرُبَّمَا قَدَّمَ بَعْضَ بَنِيهِ. وَكَانَ لا يَدْعُو بِشَيْءٍ إِلا أَنْ يُؤْتَى بِهِ. وَكَانَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ فِيَ شَيْءٍ مِنْ طَعَامِهِ ثُومًا لَمْ يَذُقْهُ. وَكَانَ يَأْتِيهِ الْخَادِمُ قَبْلَ الطَّعَامِ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ. ثُمَّ يَأْتِيهِ بِالْمِنْدِيلِ فَيَمْسَحُ بِهَا يَدَيْهِ.

وَقَالَ بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَتْنَا مَوْلاةٌ لَنَا يُقَالُ لَهَا عَيْنا أَنَّهَا كَانَتْ تَخْدُمُ ابْنَ عَوْنٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مَمْلُوكَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَكَانَتِ ابْنَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عِنْدَ ابنِ عَوْنٍ وأمها عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِهِ. قَالَتْ: فَكُنْتُ أَخْدُمُهَا فَطَبَخْتُ لابْنِ عَوْنٍ قِدْرًا فَوَجَدَ مِنْهَا رِيحَ الثُّومِ. قَالَتْ: فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ فِيكِ بَارَكَ اللَّهُ فِيكِ! ارْفَعِيهِ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ. قَالَتْ: فَوَقَعَ فِي جَسَدِي مِثْلُ الْحَرِيقِ فَهَرَبْتُ إِلَى دَارِ سِيرِينَ.

أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ذُكِرَ الْقَدَرُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ أَخِي إِنِّي أَنَا أَكْبَرُ مِنْهُ قَدْ أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَمَا يَذْكُرُ بِهَذَا الْكَلامِ إِلا رَجُلانِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ وَسِنْهَوَيْهِ زَوْجُ أُمِّ مُوسَى وَذَاكَ شَرٌّ.

أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَعَتِ الْمُعْتَزِلَةُ بِابْنِ عَوْنٍ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015