فَقَالَ: يَا أبا سَعِيدٍ مَا تَقُولُ فِي الْفِتَنِ مِثْلِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ وَابْنِ الأَشْعَثِ؟ فَقَالَ: لا تَكُنْ مَعَ هَؤُلاءِ وَلا مَعَ هَؤُلاءِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أهل الشَّامِ: وَلا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَا أبا سَعِيدٍ؟ فَغَضِبَ ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ فَخَطَرَ بِهَا ثُمَّ قَالَ: وَلا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَا أبا سَعِيدٍ. نَعَمْ.
وَلا مَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أبي التَّيَّاحِ قَالَ:
شَهِدْتُ الْحَسَنَ وَسَعِيدَ بْنَ أبي الْحَسَنِ حِينَ أَقْبَلَ ابْنُ الأَشْعَثِ فَكَانَ الْحَسَنُ يَنْهَى عَنِ الْخُرُوجِ عَلَى الْحَجَّاجِ وَيَأْمُرُ بِالْكَفِّ وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ أبي الْحَسَنِ يُحَضِّضُ. ثُمَّ قَالَ سَعِيدٌ فِيمَا يَقُولُ: مَا ظَنُّكَ بِأَهْلِ الشَّامِ إِذَا لَقِينَاهُمْ غَدًا؟ فَقُلْنَا: وَاللَّهِ مَا خَلَعْنَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلا نُرِيدُ خَلْعَهُ وَلَكِنَّا نَقَمْنَا عَلَيْهِ اسْتِعْمَالَهُ الْحَجَّاجَ فَاعْزِلْهُ عَنَّا. فَلَمَّا فَرَغَ سَعِيدٌ مِنْ كَلامِهِ تَكَلَّمَ الْحَسَنُ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا سَلَّطَ اللَّهُ الْحَجَّاجَ عَلَيْكُمْ إِلا عُقُوبَةً فَلا تُعَارِضُوا عُقُوبَةَ اللَّهِ بِالسَّيْفِ وَلَكِنْ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ وَالتَّضَرُّعَ. وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُ مِنْ ظَنِّي بِأَهْلِ الشام فإن ظني بهم أن لو جاؤوا فَأَلْقَمَهُمُ الْحَجَّاجُ دُنْيَاهُ لَمْ يَحْمِلْهُمْ عَلَى أَمْرٍ إِلا رَكِبُوهُ. هَذَا ظَنِّي بِهِمْ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ الْعَبْدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ النَّاسَ إِذَا ابْتُلُوا مِنْ قِبَلِ سُلْطَانِهِمْ صَبَرُوا مَا لَبِثُوا أَنْ يُفْرَجَ عَنْهُمْ وَلَكِنَّهُمْ يَجْزَعُونَ إِلَى السيف فيوكلون إليه فو الله ما جاؤوا بِيَوْمِ خَيْرٍ قَطُّ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ أَرْفَعَ عِنْدَ أهل الْبَصْرَةِ مِنَ الْحَسَنِ حَتَّى خَفَّ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ وَكَفَّ الْحَسَنُ فَلَمْ يَزَلْ أَبُو سَعِيدٍ فِي عُلُوٍّ مِنْهَا بَعْدُ. وَسَقَطَ الآخَرُ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ أبي الْحَسَنِ قَاعِدًا فِي أَصْلِ مِنْبَرِ ابْنِ الأَشْعَثِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ الأَسْوَدُ قَالَ: تَمَنَّى رَجُلٌ فَقَالَ:
لَيْتَنِي بِزُهْدِ الْحَسَنِ وَوَرَعِ ابن سيرين وعباده عامر بن عبد القيس وَفِقْهِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَذَكَرَ مُطَرِّفًا بِشَيْءٍ لا يَحْفَظُهُ رَوْحٌ فَنَظَرُوا ذَلِكَ فَوَجَدُوهُ كَامِلا كُلَّهُ فِي الْحَسَنِ.