يَأْتِيَهُ فَأَبَى وَقَالَ: رَجُلٌ لا يَعْرِفُنِي كَيْفَ آتِيهُ؟ وَذَاكَ أَنَّ أَبَا عَوَانَةَ سَلَّمَ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ سُفْيَانُ السَّلامَ. وَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: لا أَعْرِفُهُ. وَلَمَّا تَخَوَّفَ سُفْيَانُ أَنْ يُشَهِّرَ بِمُقَامِهِ بِالْبَصْرَةِ قُرْبَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ لَهُ: حَوِّلْنِي مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ. فَحَوَّلَهُ إِلَى مَنْزِلِ الْهَيْثَمِ بْنِ مَنْصُورٍ الأَعْرَجِيِّ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْن زَيْد مَنَاةَ بْن تَمِيمٍ. فَلَمْ يَزَلْ فِيهِمْ فَكَلَّمَهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فِي تَنَحِّيهِ عَنِ السُّلْطَانِ وَقَالَ: هَذَا فِعْلُ أَهْلِ الْبِدَعِ. وَمَا تَخَافُ مِنْهُمْ؟ فَأَجْمَعَ سُفْيَانُ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَلَى أَنْ يَقْدَمَا بَغْدَادَ. قَالَ وَكَتَبَ سُفْيَانُ إِلَى الْمَهْدِيِّ أَوْ إِلَى يَعْقُوبَ بْنِ دَاوُدَ فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ. فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُمْ يَغْضَبُونَ مِنْ هَذَا. فَبَدَأَ بِهِمْ فَأَتَاهُ جَوَابُ كِتَابِهِ بِمَا يَجِبُ مِنَ التَّقْرِيبِ وَالْكَرَامَةِ وَالسَّمْعِ مِنْهُ وَالطَّاعَةِ فَكَانَ عَلَى الْخُرُوجِ إِلَيْهِمْ. فَحُمَّ وَمَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا وَحَضَرَهُ الْمَوْتُ فَجَزِعَ. فَقَالَ لَهُ مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا هَذَا الْجَزَعُ؟ إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى الرَّبِّ الَّذِي كُنْتَ تَعْبُدُهُ.
فَسَكَنَ وَهَدَأَ وَقَالَ: انْظُرُوا مَنْ هَاهُنَا مِنْ أَصْحَابِنَا الْكُوفِيِّينَ. فَأَرْسَلُوا إِلَى عَبَّادَانَ فَقَدِمَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ وَالْحَسَنُ بْنُ عَيَّاشٍ أَخُو أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ.
فَأَوْصَى إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَوْصَاهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ. فَأَقَامَا عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ فَأُخْرِجَ بِجِنَازَتِهِ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَجْأَةً وَسَمِعُوا بِمَوْتِهِ. وَشَهِدَهُ الْخَلْقُ وَصَلَّى عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا رَضِيَهُ سُفْيَانُ لِنَفْسِهِ وَنَزَلَ فِي حُفْرَتِهِ وَنَزَلَ مَعَهُ خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ وَغَيْرُهُمَا وَدَفَنُوهُ. ثُمَّ انْصَرَفَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَيَّاشٍ إِلَى الْكُوفَةِ فَأَخْبَرَا أَهْلَهَا بِمَوْتِ سُفْيَانَ. رَحِمَهُ اللَّهُ.
بن أبي إسحاق السبيعي. ويكنى أبا يوسف. توفي بالكوفة سنة اثنتين وستين ومائة.
وقال أبو نعيم: سنة ستين ومائة. وكان ثقة حدث عنه الناس حديثا كثيرا ومنهم من يستضعفه.
بن أبي إسحاق السبيعي. وقد روي عنه. توفي في خلافة أبي جعفر أمير المؤمنين. وكان قليل الحديث.
واسم صالح حي بن صالح بن مسلم بن حيان بن شفي بن