فَكَمْ جَمَعَ الَّذِي كَانَ قَبْلَكَ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا. فَسَمَّى شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. فَقَالَ عُمَرُ: مِنْ أَيْنَ ذَاكَ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ كَانَ يُؤْخَذُ مِنَ الْفَرَسِ دِينَارٌ وَمِنَ الْخَادِمِ دِينَارٌ وَمِنَ الْفَدَّانِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَإِنَّكَ طَرَحْتَ ذَلِكَ كُلَّهُ. قَالَ: لا وَاللَّهِ مَا أَلْقَيْتُهُ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلْقَاهُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِإِبَاحَةِ الْجَزَائِرِ وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَنْبَتَهُ اللَّهُ فَلَيْسَ أَحَدٌ أَحَقُّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ قَالَ: جَاءَتْ كُتُبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِإِحِيَاءِ السُّنَّةِ وَإِمَاتَةِ الْبِدَعِ. وَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ يَكُونَ ظَنُّكُمْ بِي أَنْ لا حَاجَةَ لِي فِي أَمْوَالِكُمْ لا مَا فِي يَدَيَّ وَلا مَا فِي أَيْدِيكُمْ. إِنَّهُ حَرِيٌّ عَلَى مَنِ انْتَهَكَ مَعَاصِي اللَّهِ فِي عُقُوبَتِهِ إِيَّاهُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أخبرنا أبو المليح عن فرات بن مسلم قَالَ:
اشْتَهَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التُّفَّاحَ فَبَعَثَ إِلَى بَيْتِهِ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَشْتَرُونَ لَهُ بِهِ.
فَرَكِبَ وَرَكِبْنَا مَعَهُ فَمَرَّ بِدَيْرٍ فَتَلَقَّاهُ غِلْمَانٌ لِلدَّيْرَانِيِّينَ مَعَهُمْ أَطْبَاقٌ فِيهَا تُفَّاحٌ. فَوَقَفَ عَلَى طَبَقٍ مِنْهَا فَتَنَاوَلَ تُفَّاحَةً فَشَمَّهَا ثُمَّ أَعَادَهَا إِلَى الطَّبَقِ ثُمَّ قَالَ: ادْخُلُوا دَيْرَكُمْ. لا أَعْلَمُكُمُ بُعِثْتُمْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي بِشَيْءٍ. قَالَ فَحَرَّكْتُ بَغْلَتِي فَلَحِقْتُهُ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اشْتَهَيْتَ التُّفَّاحَ فَلَمْ يَجِدُوهُ لَكَ فَأُهْدِيَ لَكَ فَرَدَدْتَهُ. قَالَ: لا حَاجَةَ لِي فِيهِ. فَقُلْتُ: أَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَقْبَلُونَ الْهَدِيَّةَ؟ قَالَ: إِنَّهَا لأُولَئِكَ هَدِيَّةٌ وَهِيَ لِلْعُمَّالِ بَعْدَهُمْ رِشْوَةٌ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ فُرَاتِ بن مسلم قَالَ:
كُنْتُ أَعْرِضُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كُتُبِي فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فَعَرَضْتُهَا عَلَيْهِ فَأَخَذَ مِنْهَا قِرْطَاسًا قَدْرَ شِبْرٍ أَوْ أَرْبَعِ أَصَابِعَ بَقِيَ فَكَتَبَ فِيهِ حَاجَةٌ لَهُ. فَقُلْتُ: غَفَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ بعث إلي أن تعال وجيء بِكُتُبِكَ. فَجِئْتُهُ بِهَا فَبَعَثَنِي فِي حَاجَةٍ. فَلَمَّا جِئْتُ قَالَ: مَا نَالَ لَنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي كُتُبِكَ بَعْدُ. قُلْتُ: لا إِنَّمَا نَظَرْتَ فِيهَا أَمْسِ. قَالَ: خُذْهَا حَتَّى أَبْعَثَ إِلَيْكَ. فَلَمَّا فُتِحَتْ كُتُبِي وَجَدْتُ فِيهَا قِرْطَاسًا قَدْرَ قِرْطَاسِي الَّذِي أَخَذَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر قال: أخبرنا ابن المبارك عن معمر قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَمَّا بَعْدُ فَلا تُخْرِجَنَّ لأَحَدٍ مِنَ الْعُمَّالِ رِزْقًا فِي الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ