فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ لِخَالِدٍ: يَا ابْنَ أُخْتِي هَوَايَ فِيكَ وَقَدْ أَبَاكَ النَّاسُ لِلْحَدَاثَةِ.

وَمَرْوَانُ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْكَ وَمِنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ. قَالَ: بَلْ عَجَزْتَ. قَالَ: كَلا. فَبَايَعَ حَسَّانُ وَأَهْلُ الأَرْدُنِّ لِمَرْوَانَ عَلَى أَنْ لا يُبَايِعَ مَرْوَانُ لأَحَدٍ إِلا لِخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ. وَلِخَالدٍ إِمْرَةُ حِمْصَ وَلِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ إِمْرَةُ دِمَشْقَ. فَكَانَتْ بَيْعَةُ مَرْوَانَ بِالْجَابِيَةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِلنِّصْفِ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ. وَبَايَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَهْلَ دِمَشْقَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى مَرْوَانَ فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُتَمَّمَ لِي خِلافَةً لا يَمْنَعَنِيهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ. فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ مَالِكٍ: صَدَقْتَ. وَسَارَ مَرْوَانُ مِنَ الْجَابِيَةِ فِي سِتَّةِ آلافٍ حَتَّى نَزَلَ مَرْجَ رَاهِطٍ ثُمَّ لَحِقَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الأَجْنَادِ سَبْعَةُ آلافٍ فَكَانَ فِي ثَلاثَةَ عَشَرَ أَلْفًا أَكْثَرُهُمْ رَجَّالَةٌ. وَلَمْ يَكُنْ فِي عَسْكَرِ مَرْوَانَ غَيْرُ ثَمَانِينَ عَتِيقًا. أَرْبَعُونَ مِنْهُمْ لَعَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ وَأَرْبَعُونَ لِسَائِرِ النَّاسِ. وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ مَرْوَانَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ. وَكَتَبَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ فَتَوَافَدُوا عِنْدَهُ بِالْمَرْجِ فَكَانَ فِي ثَلاثِينَ أَلْفًا. وَأَقَامُوا عِشْرِينَ يَوْمًا يَلْتَقُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى قُتِلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَقُتِلَ مَعَهُ مِنْ قَيْسٍ بَشَرٌ كَثِيرٌ. فَلَمَّا قُتِلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ وَانْهَزَمَ النَّاسُ رَجَعَ مَرْوَانُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى دِمَشْقَ وَبَعَثَ عُمَّالَهُ عَلَى الأَجْنَادِ وَبَايَعَ لَهُ أَهْلُ الشَّامِ جَمِيعًا. وَكَانَ مَرْوَانُ قَدْ أَطْمَعَ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فِي بَعْضِ الأَمْرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَعَقَدَ لابْنَيْهِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنَيْ مَرْوَانَ بِالْخِلافَةِ بَعْدَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَضَعَ مِنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ وَيُقَصِّرَ بِهِ وَيُزَهِّدَ النَّاسَ فِيهِ. وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ أَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا فَذَهَبَ لِيَجْلِسَ مَجْلِسَهُ الَّذِي كَانَ يُجْلِسُهُ فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ وَزُبْرَةُ: تَنَحَّ يَا ابْنَ رَطْبَةَ الاسْتَ وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ لَكَ عَقْلا. فَانْصَرَفَ خَالِدٌ وَقْتَئِذٍ مُغْضَبًا حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّهِ فَقَالَ: فَضَحْتَنِي وَقَصَّرْتِ بِي وَنَكَسْتِ بِرَأْسِي وَوَضَعْتِ أَمْرِي. قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: تَزَوَّجْتِ هَذَا الرَّجُلَ فَصَنَعَ بِي كَذَا وَكَذَا. ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِمَا قَالَ فَقَالَتْ لَهُ: لا يَسْمَعُ هَذَا مِنْكَ أَحَدٌ وَلا يَعْلَمُ مَرْوَانُ أَنَّكَ أَعْلَمْتَنِي بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَادْخُلْ عَلَيَّ كَمَا كُنْتَ تَدْخُلُ وَاطْوِ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى تَرَى عَاقِبَتَهُ فَإِنِّي سَأَكْفِيكَهُ وَأَنْتَصِرُ لَكَ مِنْهُ. فَسَكَتَ خَالِدٌ وَخَرَجَ إِلَى مَنْزِلِهِ. وَأَقْبَلَ مَرْوَانُ فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ خالد بنت أبي هاشم بن عتبة بن رَبِيعَةَ وَهِيَ امْرَأَتُهُ فَقَالَ لَهَا: مَا قَالَ لَكَ خَالِدٌ مَا قُلْتُ لَهُ الْيَوْمَ وَمَا حَدَّثَكَ بِهِ عَنِّي؟ فَقَالَتْ: مَا حَدَّثَنِي بِشَيْءٍ وَلا قَالَ لِي. فَقَالَ: أَلَمْ يَشْكُنِي إِلَيْكِ وَيَذْكُرْ تَقْصِيرِي بِهِ وَمَا كَلَّمْتُهُ بِهِ؟ فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ أَجَلُّ فِي عَيْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015