صَلاتَكُمْ وَثَغْرَكُمْ وَحُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ عَلَى فَيْئِكُمْ. ثُمَّ نَزَلَ وَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى اصْعَدْ.

فقال أبا مُوسَى: مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ وَلَكِنْ هَلُمُّوا فَبَايِعُوا لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ وَجَدِّدُوا لَهُ الْبَيْعَةَ فِي أَعْنَاقِكُمْ. فَأَجَابَهُ النَّاسُ إِلَى ذَلِكَ فَقَبِلَ وِلايَتَهُمْ وَجَدَّدَ الْبَيْعَةَ لِعُثْمَانَ فِي رِقَابِهِمْ وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ بِمَا صَنَعَ فَأَعْجَبَ ذَلِكَ عُثْمَانَ وَسَرَّهُ. فَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ الْوَعْلِ التَّغْلِبِيُّ شَاعِرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ:

تَصَدَّقْ عَلَيْنَا ابْنَ عَفَّانَ وَاحْتَسِبْ ... وَأَمِّرْ عَلَيْنَا الأَشْعَرِيَّ لَيَالِيَا

فَقَالَ عُثْمَانُ: نَعَمْ وَشُهُورًا وَسِنِينَ إِنْ بَقِيتُ. وَكَانَ الَّذِي صَنَعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَوَّلَ وَهْنٍ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ حِينَ اجْتُرِئَ عَلَيْهِ. وَلَمْ يَزَلْ أَبُو مُوسَى وَالِيًا لِعُثْمَانَ عَلَى الْكُوفَةِ حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ. وَلَمْ يَزَلْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ حِينَ رَجَعَ عَنِ الْكُوفَةِ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى وَثَبَ النَّاسُ بِعُثْمَانَ فَحَصَرُوهُ. فَلَمْ يَزَلْ سَعِيدٌ مَعَهُ في الدار يَلْزَمُهُ لَمْ يُفَارِقْهُ وَيُقَاتِلُ دُونَهُ.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَاعِدَةَ قَالَ: جَاءَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَتَى تُمْسِكَ بِأَيْدِينَا؟ قَدْ أَكَلَنَا أَكْلا هَؤُلاءِ الْقَوْمُ. مِنْهُمْ مَنْ قَدْ رَمَانَا بِالنَّبْلِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَدْ رَمَانَا بِالْحِجَارَةِ وَمِنْهُمْ شَاهِرٌ سَيْفَهُ. فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ. فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا أُرِيدُ قِتَالَهُمْ وَلَوْ أَرَدْتُ قِتَالَهُمْ لَرَجَوْتُ أَنْ أَمْتَنِعَ مِنْهُمْ وَلَكِنِّي أَكِلُهُمْ إِلَى اللَّهِ وَأَكِلُ مِنَ أَلَّبَهُمْ عَلَيَّ إِلَى اللَّهِ فَإِنَّا سَنَجْتَمِعُ عِنْدَ رَبِّنَا. فأما قتال فو الله ما آمرك بقتال. فقال سعيد: والله لا أَسْأَلُ عَنْكَ أَحَدًا أَبَدًا. فَخَرَجَ فَقَاتَلَ حَتَّى أُمَّ.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مُصْعَبِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ يومئذ يقاتل فضربه رجل يومئذ ضَرْبَةً مَأْمُومَةً فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ الرَّعْدَ فَيُغْشَى عَلَيْهِ. قَالُوا: فَلَمَّا خَرَجَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُونَ الْبَصْرَةَ خَرَجَ مَعَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ. فَلَمَّا نَزَلُوا مَرَّ الظَّهْرَانِ.

وَيُقَالُ ذَاتُ عِرْقٍ. قَامَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ عُثْمَانَ عَاشَ فِي الدُّنْيَا حَمِيدًا وَخَرَجَ مِنْهَا فَقِيدًا وَتُوُفِّيَ سَعِيدًا شَهِيدًا فَضَاعَفَ اللَّهُ حَسَنَاتِهِ وَحَطَّ سَيِّئَاتِهِ وَرَفَعَ دَرَجَاتِهِ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015