كُنْتَ لَنَا صَاحِبَ صَدْقٍ تُكْرِمُنَا وَتُعْطِينَا وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ. قَالَ: فَإِنِّي إِنَّمَا كُنْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ لِتَمْنَعُونِي مِنَ الْمَوْتِ. وَإِنَّ الْمَوْتَ هَا هُوَ ذَا قَدْ نَزَلَ بِي فَأَغْنُوهُ عَنِّي. فَنَظَرَ القوم بعضهم إلى بعض فقالوا: لا نُغْنِي عَنْكَ مِنَ الْمَوْتِ شَيْئًا. فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ قُلْتُهَا وَإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكُمْ لا تُغْنُونَ عَنِّي مِنَ الْمَوْتِ شَيْئًا وَلَكِنْ الله لأَنْ أَكُونَ لَمْ أَتَّخِذْ مِنْكُمْ رَجُلا قَطُّ يَمْنَعُنِي مِنَ الْمَوْتِ أَحَبَّ إِلَى مِنْ كَذَا وَكَذَا. فَيَا وَيْحَ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ إِذْ يَقُولُ حَرَسُ أُمَرَاءِ أَجَلِهِ. ثُمَّ قَالَ عَمْرٌو: اللَّهُمَّ لا بَرِيءَ فَأَعْتَذِرُ وَلا عَزِيزَ فَأَنْتَصِرُ وإلا تدركني برحمة أكن من الهالكين.

قال: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ الْمُزَنِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَاهُ قَالَ: يَا بُنَيَّ إِذَا مِتُّ فَاغْسِلْنِي غَسْلَةً بِالْمَاءِ ثُمَّ جَفِّفْنِي فِي ثَوْبٍ.

ثُمَّ اغْسِلْنِي الثَّانِيَةَ بِمَاءٍ قُرَاحٍ ثُمَّ جَفِّفْنِي فِي ثَوْبٍ. ثُمَّ اغْسِلْنِي الثَّالِثَةَ بِمَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ من كافور ثُمَّ جَفِّفْنِي فِي ثَوْبٍ. ثُمَّ إِذَا أَلْبَسْتَنِي الثِّيَابَ فَأَزِرَّ عَلَيَّ فَإِنِّي مُخَاصِمٌ. ثُمَّ إِذَا أَنْتَ حَمَلْتَنِي عَلَى السَّرِيرِ فَامْشِ بِي مَشْيًا بَيْنَ الْمَشْيَتَيْنِ وَكُنْ خَلْفَ الْجَنَازَةِ فَإِنَّ مُقَدَّمَهَا لِلْمَلائِكَةِ وَخَلْفَهَا لِبَنِي آدَمَ. فَإِذَا أَنْتَ وَضَعْتَنِي فِي الْقَبْرِ فَسُنَّ عَلَيَّ التُّرَابَ سَنًّا. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنَا فَرَكِبْنَا وَنَهَيْتَنَا فَأَضَعْنَا فَلا بَرِيءَ فَأَعْتَذِرُ وَلا عَزِيزَ فَأَنْتَصِرُ وَلَكِنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ. مَا زَالَ يَقُولُهَا حتى مات.

قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَمَّادٍ وَغَيْرِهِ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ: عُدْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَقَدْ ثَقُلَ فَقُلْتُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: أَذُوبُ وَلا أَثُوبُ وَأَجِدُ نَجْوَى أَكْثَرَ مِنْ رُزْئِي. فَمَا بَقَاءُ الكبير على هذا؟

قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ:

عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَقُولُ: عَجَبًا لِمَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ وَعَقْلُهُ مَعَهُ كَيْفَ لا يَصِفُهُ. فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ قَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: يَا أَبَتِ إِنَّكَ كُنْتَ تَقُولُ عَجَبًا لِمَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ وَعَقْلُهُ مَعَهُ كَيْفَ لا يَصِفُهُ فَصِفْ لَنَا الْمَوْتَ وَعَقْلُكُ مَعَكَ. فَقَالَ: يَا بُنَيَّ. الْمَوْتُ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُوصَفَ وَلَكِنِّي سَأَصِفُ لَكَ مِنْهُ شَيْئًا. أَجِدُنِي كَأَنَّ عَلَى عُنُقِي جِبَالُ رَضْوَى. وَأَجِدُنِي كَأَنَّ فِي جَوْفِي شَوْكَ السِّلاءِ. وَأَجِدُنِي كَأَنَّ نفسي يخرج من ثقب إبرة.

قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: تُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَوْمَ الْفِطْرِ بِمِصْرَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَهُوَ وال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015