قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ:

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادع الله عَلَى دَوْسٍ [فَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بها] رجع الحديث إلى حديث الطفيل قال: [فقال لي رسول الله. ص: اخْرُجْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهُمْ وَارْفُقْ بِهِمْ] . فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَلَمْ أَزَلْ بِأَرْضِ دَوْسٍ أَدْعُوهَا حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ. وَمَضَى بَدْرٌ وَأُحُدٌ وَالْخَنْدَقُ. ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

بِمَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِي. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ حَتَّى نَزَلْتُ الْمَدِينَةَ بِسَبْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ بَيْتًا مِنْ دَوْسٍ. ثُمَّ لَحِقْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ فَأَسْهَمَ لَنَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنَا مَيْمَنَتَكَ وَاجْعَلْ شِعَارَنَا مَبْرُورًا. فَفَعَلَ. فَشِعَارُ الأَزْدِ كُلِّهَا إِلَى الْيَوْمِ مَبْرُورٌ. قَالَ الطُّفَيْلُ: ثُمَّ لَمْ أَزَلْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى فَتْحَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَكَّةَ فَقُلْتُ:

يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْعَثْنِي إِلَى ذِي الْكَفَّيْنِ صَنَمِ عَمْرو بْن حُمَمَةَ حَتَّى أَحْرِقَهُ. فَبَعَثَهُ إِلَيْهِ فَأَحْرَقَهُ. وَجَعَلَ الطُّفَيْلُ يَقُولُ وَهُوَ يُوقِدُ النَّارَ عَلَيْهِ وَكَانَ مِنْ خَشَبٍ:

يَا ذَا الْكَفَّيْنِ لَسْتُ من عبادك ... ميلادنا أقدم من ميلادك

أنا حششت النار في فؤادك

قَالَ: أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ لَهُ صَنَمٌ يُقَالُ لَهُ ذُو الْكَفَّيْنِ فَكَسَرَهُ وَحَرَقَهُ بِالنَّارِ وَقَالَ:

يَا ذَا الْكَفَّيْنِ لَسْتُ مِنْ عِبَادِكَ ... مِيلادُنَا أَقْدَمُ مِنْ مِيلادِكَ

أَنَا حَشَوْتُ النَّارَ فِي فُؤَادِكَ

رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ الطُّفَيْلِ الأَوَّلِ. قَالَ فَلَمَّا أَحْرَقْتُ ذَا الْكَفَّيْنِ بَانَ لِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ تَمَسَّكَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ فَأَسْلَمُوا جَمِيعًا. وَرَجَعَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى قُبِضَ. فَلَمَّا ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ خَرَجَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَجَاهَدَ حَتَّى فَرَغُوا مِنْ طُلَيْحَةَ وَأَرْضِ نَجْدٍ كُلِّهَا. ثُمَّ سَارَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْيَمَامَةِ وَمَعَهُ ابْنُهُ عَمْرُو بْنُ الطُّفَيْلِ. فَقُتِلَ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو بِالْيَمَامَةَ شَهِيدًا وَجُرِحَ ابْنُهُ عَمْرُو بْنُ الطُّفَيْلِ وَقَطَعَتْ يَدُهُ. ثُمَّ اسْتَبَلَّ وَصَحَّتْ يَدُهُ. فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِذْ أُتِيَ بِطَعَامٍ فَتَنَحَّى عَنْهُ فَقَالَ عُمَرُ: مَا لَكَ لَعَلَّكَ تَنَحَّيْتَ لِمَكَانِ يَدِكَ؟ قَالَ: أَجَلْ.

قَالَ: والله لا أذوقه حتى تسوطه بيدك. فو الله مَا فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ بَعْضُهُ فِي الْجَنَّةِ غَيْرَكَ.

ثُمَّ خَرَجَ عَامَ الْيَرْمُوكِ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقُتِلَ شَهِيدًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015