نَظرُوا بعَيْنِ عَدَاوَةٍ وَلَوَ أنها ... عَينُ الرِّضَا لاسْتَحْسَنُوا ما اسْتَقْبحُوا

يُولُونَني شَزْرَ العُيُونِ لأنَّني ... غَلَّسْتُ في طَلَبِ العُلَى وتصبَّحُوا

ومما أنشده صاحب المناقب في مدح الإمام، وذكر واقعته مع أبي هبيرة، قوله:

أرضيت نَفْسَك ضَارب النُّعمانِ ... فكسبتَ جَهلاً سَخطةَ الرَّحمنِ

ما زلت تُنقُصُ لا تزيدُ بضَربهِ ... يا بئسَ ما قدَّمتَ للميزانِ

أضَربْت عابِدَ رَبِّه في ليله ... ونهارهِ يا عَابِدَ الشَّيْطَانِ

أعْطَيْتَه الدنيا ولكن رَدَّها ... رَدَّ التقيِّ الخائف الرباني

حَرّ السَّياط قد ارتضى كي لا يرى ... يَوم الجَزاءِ مَقامعَ النِّيرانِ

مَا ذَلَّ يا ابن هُبيرة بالضَّربِ مَنْ ... مَلأ الفُؤادَ بعِزِّةِ الإيمَانِ

ولصاحب المناقب أيضاً في مدحه قوله:

غدا مذهبُ النعمان خير المذاهب ... كما القَمرُ الوَضَّاحُ خيرُ الكواكب

تفقَّه في خيرِ القرونِ مع التُقَي ... فمذهبهُ لا شَكَّ خيرُ المذاهبِ

ولا عيبَ فيه غيرَ أنَّ جميعَه ... حَلا إذْ تخلى عن جميع المعايب

لأنَّ عِداهُ قد أقرُّوا بحُسْنِه ... وإقرارُهم بالحسنِ ضربَةُ لازِبِ

وكان له صَحبٌ بُنودُ عُلومِهم ... تُجلِّى عن الأحْكام سُجْفَ الغَياهِبِ

ثلاثةُ آلافٍ وألفٌ شيوخُه ... وأصحابُه مثلُ النجوم الثَّواقِبِ

وله أيضاً يمدحه:

نُعمانُ فحل العلم يَعسُوبُ الهُدى ... في خير قَرن قد أتى وقرَانِ

نُعْمَانُ كانَ سِراجَ أفضللِ أُمَّةٍ ... لكنْ سِرَاجاً دائمَ اللَّمَعَانِ

الفِقْهُ في نادِيه مُجْتَمِعُ النَّوى ... راسي القَواعدِ شامِخُ البُنيانِ

وشقائِقُ النُّعْمَانِ في بَهَجاتِها ... هَزأتْ بهنَّ دَقائِقُ النُّعمَانِ

كم قد رَمَوْهُ بمُعْضلاتٍ رَدَّهَا ... بجَوابِ حَقٍّ سَاطعِ البُرْهَانِ

وعن سفيان بن عيينة، قال: قال مساور الوراق، وكان رجلاً صالحاً، في أبي حنيفة، وله فيه رأي:

إذا ما الناس يوماً قَايَسُونَا ... بمُعْضِلةٍ من الفُتيَا لَطِفَهْ

أَتيْنَاهُمْ بمِقْياسٍ صَحيحٍ ... بَديعٍ مِن طِرَاز أبي حَنيفه

إذا سَمعَ الفقيهُ به وَعَاهُ ... وأثبَتهُ بحِبْرٍ في صَحِفهْ

وعن الحسن بن الربيع، قال: سمعت عبد الله بن المبارك، يقول:

رأيتُ أبا حنيفة كلَّ يَوْمٍ ... يزِيدُ نَباهَةً ويَزيدُ خِيراً

ويَنْطِقُ بالصَّوابِ ويصْطفِيهِ ... إذا ما قال أهلُ الحقِّ حُورا

يُقايسُ مَن يُقايسُه بلُبٍّ ... ومَن ذا تجعلُونَ له نَظيراً

كَفانا فَقْدَ حَمَّاد وكانتْ ... مُصِيبتُنا به أمْراً كَبيراً

رَأيتُ أبَا حنيفةَ حين يُؤتَى ... ويُطلبُ عِلمهُ بَحْراً غَزيراً

إذا ما المُشْكِلاتُ تدافعَتْها ... رِجَالُ العِلم كانَ بهَا بَصيراً

وقال بعضهم يرثيه بقصيدة، أظنها لصاحب " المناقب "، منها:

لقَدْ طَلَعَ النُّعمانُ من أرْضِ كوفةٍ ... كَغُرَّةِ صُبْحٍ يَسْتّفِيضُ انبلاجُهَا

هو المُرتَى في الدِّين والمُقتدى به ... وصَدرُ الورَى في الخافقيْنِ وتاجُها

إذا مرض الإسلامُ والدِّينُ مَرْضَةً ... فمِن نُكَتِ النُّعمانِ يُلفى عِلاجُها

وإن كسَدتْ سُوقُ الهُدى ونوجَّعت ... فمِن مذهب النُعمان أيضاً رواجُهَا

وَإنْ فُتِحتْ أبْوابُ جهْلٍ وبِدْعَةٍ ... على الناسِ يَوْمَاً كان من رتَاجُها

وإن غُمَّةٌ فمِنهُ انْجلاؤُهَا ... وإن شِدةٌ ضاقت فمِنه انْفراجُها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015