يقولون دِرْيَاقٌ لِمُثلك نافعٌ ... وماليَ إلا رحمةُ اللهِ دِرْيَاقُ
ومنه أيضاً:
عَجِبْتُ لِمَنْ يَنْتَابُه الموتُ غِيلَةً ... يَرُوحُ به أو يَغْتدي كيف يَبْخَلُ
وهَبْ أنه مِن فَجْأَةِ الموتِ آمنٌ ... مَسَرَّتُهُ بالعَيْشِ لا تَتَبَدَّلُ
أليسَ يَرَى أن الذي خَلَقَ الورى ... بأرزاقهم ما عُمِّرُوا مُتَكَفِّلُ
ومنه أيضاً:
دَعِ المُنَجِّم يكْبُو في ضَلالَتِهِ ... إذا ادَّعَى عِلْم ما يَجْري به الفلكُ
تَفَرَّدَ اللهُ بالعِلْمِ القديم فَلا ال ... إنسانُ يُشْرِكُهُ فيه ولا المَلَكُ
أعَدَّ لِلْرِزْقِ من أَشْراكِهِ شَرَكاً ... فبِسْتِ العُدتان الشِّرْكُ والشَّرَكُ
ومنه أيضاً:
أنْحَلْتَ جِسْمي السِّنُون إلى أن ... صِرتُ أخْفَى مِن نُقْطَةٍ في كتاب
عَرَّقَتْ أَعْظُمِي فليس عليها ... بين جِلْدِي وبينها منْ حِجابِ
من رآني يقولُ هذا قناةٌ ... كُسرتْ ثم جُمِّعَتْ في جرابِ
لستُ أبكي تحتَ التُّرابِ دَفيناً بعدَ ما قد بَلِيْتُ فوق الترابِ
يَتَناسَى الجَهُولُ غائِلَةَ الشَّيْ ... بِ زمانَ اغتراره بالشبابِ
وله غير ذلك، وقد وقفت له على " ديوان " شعر، في مجلد لطيف.
وبالجملة فقد كان من فضلاء دهره، ومحاسن عصره. رحمه الله تعالى.
892 - زيد بن محمد بن خيثمة بن محمد بن حاتم بن خيثمة
ابن الحسن بن عوف التميمي، أبو سعد
فقيه معروف.
سمع من الخفاف، وطبقته.
وهو من بيت العلم والقضاء.
مات في شهر ربيع الأول، سنة خمس وأربعين وأربعمائة. رحمه الله تعالى.
من أصحاب محمد بن الحسن، حدث عنه ببغداد.
روى عنه أبو إسماعيل الفقيه محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن منصور.
ذكره الخطيب البغدادي، ولم يؤرخ وفاته.
894 - زين بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد
المشهور بابن نُجيم
وهو اسم لبعض أجداده.
كان إماماً، عالماً عاملاً، مؤلفاً مُصنفاً، ماله في زمنه نظيرٌ.
واشتغل، ودأب، وحصل، وجمع، وتفرد، وتفنن، وأفتى، ودرس.
وصار زين الإخوان، وإنسان عين الأوان، وساعده الحظ في حياته، وبعد مماته، ورزق السعادة في سائر مؤلفاته ومصنفاته، فما كتب ورقة إلا واجتهد الناسُ في تحصيلها بالمال والجاه، وسارت بها الركبان في سائر البلدان.
وكانت ولادته في سنة ست وعشرين وتسعمائة.
ووفاته في سنة سبعين وتسعمائة، نهار الأربعاء، سابع رجب الفرد، تغمده الله تعالى برحمته ورضوانه، وأسكنه فسيح جناته، بمنه وكرمه، ومزيد غُفرانه.
وقد أخبرني أخوه الشيخ الفاضل عمر، الشهير كأخيه بابن نجيم، أن أخاه، صاحب الترجمة، أخذ عن جماعة من علماء الديار المصرية؛ منهم: الشيخ العلامة أمين الدين بن عبد العال الحنفي، والشيخ أبو الفيض، وشيخ الإسلام ابن الحلبي، وغيرهم.
وأخذ العلوم العربية والعقلية عن جماعة كثيرة؛ منهم: الشيخ العلامة نور الدين الديلمي المالكي، وكان من عباد الله الصالحين، وعُلمائه العاملين، والشيخ العلامة شُقير المغربي، أحد تلامذة الإمام العلامة الرحلة الفهامة، عالم الربع المعمور، كما هو في أوصافه مشهور، الشيخ مغوش المغربي، وغيرهم ممن لم يحضرني اسمه، ولا أخبرني به أحد من الثقات.
وله من التصانيف: " البحر الرائق، بشرح كنز الدقائق "، وهو أكبر مؤلفاته، وأكثرها نفعاً، لكن حصول المنية منعه من بلوغ الأمنية، فما أكمله، ولا بحلية التمام جمله، وقد وصل فيه إلى أثناء الدعاوى والبينات.
و" شرح المنار "، في أصول الفقه.
وله " الأشباه والنظائر " وهو كتاب رزق السعادة التامة بالقبول عند الخاص والعام، ضمنه كثيراً من القواعد الفقهية، والمسائل الدقيقة والأجوبة الجبلية، والذي يغلب على الظن أنه لا يخلو منه خزانة أحد قدر على تحصيله من العلماء بالديار الرومية.
واختصر " تحرير الإمام ابن الهمام " في أصول الفقه، وسماه " لب الأصول ".
وله رسائل كثيرة، في فنون عديدة، تزيد على أربعين رسالة.