وأتته امرأة بصبي أقرع، فمسح على رأسه فاستوى شعره، وذهب داؤه، فسمع أهل اليمامة بذلك؛ فأتت امرأة إلى مسيلمة بصبي، فمسح رأسه، فتصلع، وبقي الصلع في نسله.

وانكسر سيف عكاشة يوم بدر، فأعطاه جذلاً من حطب، فصار في يده سيفاً، ولم يزل بعد ذلك عنه.

وعزت كدية بالخندق عن أن يأخذها المعول، فضربها فصارت كثيباً أهيل.

ومسح على رجل أبي رافع، وقد انكسرت، فكأنه لم يشكها قط.

وقوله صلى الله عليه وسلم: " إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها ".

قال الصلاح الصفدي: وصدق الله قوله، بأن ملك أمته بلغ أقصى المشرق والمغرب، ولم ينتشر في الجنوب ولا في الشمال.

وأخبر عن الشيماء بنت بقيلة الأزدية، أنها رفعت له في خمار أسود على بغلة شهباء، فأخذت في زمن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، في جيش خالد بن الوليد، بهذه الصفة.

وقال لرجل ممن يدعي الإسلام، وهو معه في القتال: " إنه من أهل النار ". فصدق الله قوله، بأن ذلك الرجل نحر نفسه. وهذا لا يعرف البتة بشيء من النجوم، ولا بخط ولا بزجر، ولا بالنظر في الكف، ولا بتصويت الودع.

وأبطل الله تعالى ببعثه الكهانة، فانقطعت، وكانت ظاهرة موجودة.

ودعا اليهود إلى تمني الموت، وأخبرهم بأنهم لا يتمنونه، فحيل بينهم وبين النطق بذلك.

وأخبر بأن عماراً تقتله الفئة الباغية، فكان مع عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وقتَلهُ جماعة معاوية.

وأنذر بموت الجاشي، وخرج هو وأصحابه إلى البقيع، فصلوا عليه، فورد الخبر بموته بعد ذلك، في ذلك اليوم.

وخرج على نفر من أصحابه مُجتمعين؛ فقال: " أحدكم في النار ضرسه مثل أحد ". فماتوا كلهم على الإسلام، وارتد منهم واحد، وهو الدجال الحنفي، فقتل مرتداً مع مُسيلمة.

وقال لآخرين منهم: " آخركم موتاً في النار " فسقط آخرهم موتاً في نار، فمات، وهو سمرة بن جندب.

وأخبر بأنه يقتل أمية بن خلف الجمحي، فخدشه يوم أحد خدشاً لطيفاً، فكانت منيته منه.

وأخبر فاطمة ابنته، رضي الله تعالى عنها، أنها أول أهله لحاقاً به، فكانت كذلك.

وأخبر نساءه أن أطولهن يداً أسرعهن لحاقاً به. وكانت زينب بنت جحش الأسدية؛ لأنها كانت كثيرة الصدقة.

وحكى الحكم بن أبي العاص مِشتيه صلى الله عليه وسلم مُستهزئاً، فقال: " كذلك فكن "، فلم يزل يرتعش إلى أن مات.

وخطب أُمامة بنت الحارث بن أبي عوف، وكان أبوها أعرابياً جافيا، فقال: إن بها بياضاً. فقال: " لتكن كذلك "، فبرصت من وقتها، فتزوجها ابن عمها يزيد بن حمزة، فولدت له الشاعر شبيب بن يزيد، وهو المعروف بابن البرصاء.

وليلة ميلاده اضطرب إيوان كسرى، حتى سمع صوته، وسقطت منه أربع عشرة شُرفة، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة.

ومن علائم نبوته: حراسة السماء بالشهب التي تقذف الشياطين، فلا تسترق السمع، وبشرى الكهان به والهواتف، وإخبار الأحبار بظهوره، وفِراسة بحيرى الراهب فيه، ومعرفته آيات النبوة وأمارات البعثة فيه.

وَرَأوْكَ وَضَّاحَ الجَبِينِ كما يُرَى ... قمرُ السَّماء السّعْدُ ليلةَ يَكمُلُ

وولادته مختوناً مسروراً، وسجع شق وسطيح، ورؤيا الموبذان، إلى غير ذلك من الآيات الظاهرة، والأمارات الباهرة، والدَّلالات الزاهرة، والمعجزات القاهرة، والسيرة التي شهرت شهرة النجوم الزواهر، وسار الذكر منها في الناس سير القوافي السوائر.

وقد ألفت العلماء الحفاظ، والثقات الأيقاظ في سيرته، ومعجزاته، وفي خصائصه، صلى الله عليه وسلم، كتباً كثيرة، ومجلدات كبيرة، لا يحيط بها حد، ولا يحصرها عدٌ.

وكل منهم بذل جهده، ولم يدخر شيئاً عنده، وما أتوا بعُشر مِعشار فضائله، ولا بقطرة من بحار فواضله، وكان أكثر مما قيل ما تركوا، وكل منهم ينشد مع ذلك بلسان حاله، أو لسان قاله، مُعتذراً عن تقصيره، ومُخبراً بما هو الواقع في ظاهر ضميره، قول صاحب البردة، رحمه الله تعالى:

وإنَّ فَضْلَ رَسُلِ الله ليسَ لهُ ... حَدٌ فيُعْرِبُ عَنْهُ ناطقٌ بِفَمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015