يُعظم النعمة وإن قلت، ولا يذم منها شيئاً، ما عاب طعاماً قط؛ إن اشتهاه أكله، وإلا تركه.

وكان يحفظ جاره، ويكرم ضيفه.

وكان أكثر الناس تبسماً، وأحسنهم بشراً. ولا يمضي له وقت في غير عمل لله، أو في مالاً بد منه، وما خير بين أمرين، إلا اختار أيسرهما، إلا أن يكون فيه قطيعة رحم، فيكون أبعد الناس منه.

يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويركب الفرس والبغل والحمار، ويردف خلفه عبده، أو غيره، ويمسح وجه فرسه بطرف كمه، أو بطرف ردائه.

وكان يحب الفأل، ويكره الطيرة، وإذا جاءه ما يحب، قال: " الحمد لله رب العالمين "، وإذا جاءه ما يكره، قال: " الحمد لله على كل حال ".

وإذا رفع الطعام من بين يديه قال: " الحمد لله الذي أطعمنا، وسقانا، وأوانا، وجعلنا مُسلمين ".

وأكثر جلوسه مستقبل القبلة.

ويكثر الذكر، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة.

ويستغفر في المجلس الواحد مائة مرة.

وكان يسمع لصدره وهو في الصلاة أزيز كأزيز المرجل من البكاء.

وكان يقوم حتى ترم قدماه.

وكان يصوم الاثنين، والخميس، وثلاثة أيام من كل شهر، وعاشوراء.

وقلما كان يفطر يوم الجمعة، وأكثر صيامه شعبان.

وفي الصحيحين، من رواية أنس رضي الله تعالى عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر. ويفطر حتى نقول: لا يصوم.

وكان عليه الصلاة والسلام تنام عيناه ولا ينام قلبه، انتظاراً للوحي.

وإذا نام نفخ، ولا يغط.

وإذا رأى في منامه ما يكره قال: " هو الله لا شريك له ".

وإذا أخذ مضجعة قال: " ربِ قني عذابك يوم تبعث عبادك ".

وإذا استيقظ قال: " الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور ".

وكان لا يأكل الصدقة، ويأكل الهدية، ويكافئ عليها، ولا يتأنق في مأكل، ويعصب على بطنه الحجر من الجوع. وآتاه الله مفاتيح خزائن الأرض فلم يقبلها، واختار الآخرة، وأكل الخبز بالخل، وقال: " نعم الإدام الخل ". وأكل لحم الدجاج، ولحم الحُبارى، وكان يأكل ما وجد، ولا يرد ما حضر، ولا يتكلف ما لم يحضر، ولا يتورع عن مطعم حلال؛ إن وجد تمراً دون خبز أكله، وإن وجد حُلواً أو عسلاً أكله.

وكان أحب الشراب إليه الحلو البارد. وقال لأبي الهيثم بن التيهان " كأنك علمت حُبنا للحم ". وكان لا يأكل متكئاً، ولا على خوان. لم يشبع من خبز برُ ثلاثاً تباعاً، حتى لقي الله عز وجل إيثاراً على نفسه، لا فقراً ولا بخلاً. ويجيب الوليمة، ويجيب دعوة العبد والحر. ويقبل الهدايا ولو أنها جرعة لبن أو فخذ أرنب. وكان يحب الدباء، والذراع من الشاة. وقال: " كلوا الزيت، وادهنوا به، فأنه من شجرة مباركة "، وكان يأكل بأصابعه الثلاث، ويلعقهن. منديله باطن قدميه. وأكل خبز الشعير بالتمر، والبطيخ بالرطب، والقثاء بالرطب، والتمر بالزبد، وكان يحب الحلواء والعسل.

ويشرب قاعداً، وربما شرب قائماً، ويتنفس ثلاثاً مبيناً للإناء، ويبدأ بمن عن يمينه إذا سقاه. وشرب لبناً وقال: " من أطعمه الله طعاماً، فليقل: اللهم بارك فيه وأطعمنا خيراً منه، ومن سقاه لبناً فليقل: اللهم بارك لنا وزدنا منه ".

وقال: " ليس شيء يُجزى مكان الطعام والشراب غير اللبن ".

قال ابن حزم: وشرب النبيذ الحلو.

قال الصلاح الصفدي: تفسيره الماء الذي ينبذُ فيه التمرات اليسيرة ليحلو.

وكان يلبس الصوف، وينتعل المخصوف، ولا يتأنق في ملبس، وأحب اللباس إليه الحِبرة من اليمن، فيها حمرة وبياض. وأحب الثياب إليه القميص، ويقول إذا لبس ثوباً استجده: " اللهم لك الحمد كما ألبستنيه أسألك خيره، وخير ما صنع، وأعوذ بك من شره، وشر ما صُنع ". وتعجبه الثياب الخضر، وربما لبس الإزار الواحد ليس عليه غيره، ويعقد طرفه بين كتفيه.

ويلبس يوم الجمعة برده الأحمر، ويعتم.

ويلبس خاتماً من فضة، نقشه " محمد رسول الله " في خنصره الأيمن، وربما جعله في الأيسر.

ويحب الطيب، ويكره الرائحة الكريهة.

ويقول: " إن الله جعل لذتي في النساء الطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة ".

وكان يتطيب بالغالية والمسك، أو المسك وحده، ويتبخر بالعود والكافور، وكتحل بالإثمد، وربما أكتحل وهو صائم. ويُكثر دهن رأسه ولحيته، ويدهن غبا ويكتحل وتراً.

ويحب التيمن في ترجله، وفي ظهوره، وفي شأنه كله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015