وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ ضَرْبِ الرَّجُلِ الْخَرَاجَ عَلَى عَبْدِهِ كُلَّ يَوْمٍ شَيْئًا مَعْلُومًا بِقَدْرِ طَاقَتِهِ، وَأَنَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا زَادَ عَلَى خَرَاجِهِ، وَلَوْ مُنِعَ مِنَ التَّصَرُّفِ، لَكَانَ كَسْبُهُ كُلُّهُ خَرَاجًا وَلَمْ يَكُنْ لِتَقْدِيرِهِ فَائِدَةٌ، بَلْ مَا زَادَ عَلَى خَرَاجِهِ، فَهُوَ تَمْلِيكٌ من سيده له بتصرف فيه كما أراد، والله أعلم.
ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحِ» مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيبًا، فَقَطَعَ لَهُ عِرْقًا وَكَوَاهُ عَلَيْهِ (?)
وَلَمَّا رُمِيَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِي أَكْحَلِهِ حَسَمَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَرِمَتْ، فَحَسَمَهُ الثَّانِيَةَ (?) . وَالْحَسْمُ: هُوَ الْكَيُّ.
وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَوَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي أَكْحَلِهِ بِمِشْقَصٍ، ثُمَّ حَسَمَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ.
وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ رُمِيَ فِي أَكْحَلِهِ بِمِشْقَصٍ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ فَكُوِيَ.
وَقَالَ أبو عبيد: وَقَدْ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ نُعِتَ لَهُ الْكَيُّ، فَقَالَ: «اكْوُوهُ وَارْضِفُوهُ» (?) قَالَ أبو عبيد: الرَّضْفُ الْحِجَارَةُ تُسَخَّنُ، ثُمَّ يُكْمَدُ بِهَا.
وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ: حَدَّثَنَا سفيان، عَنْ أبي الزبير، عَنْ جابر، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَوَاهُ فِي أَكْحَلِهِ.
وَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» مِنْ حَدِيثِ أنس، أَنَّهُ كُوِيَ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم حيّ (?) .