الْمَعِدَةِ اسْتِقْرَارًا حَسَنًا، فَإِنَّ الْمَعِدَةَ أَمْيَلُ إِلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ قَلِيلًا، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الشِّقِّ الْأَيْسَرِ قَلِيلًا لِيُسْرِعَ الْهَضْمَ بِذَلِكَ لِاسْتِمَالَةِ الْمَعِدَةِ عَلَى الْكَبِدِ، ثُمَّ يَسْتَقِرُّ نَوْمُهُ عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ، لِيَكُونَ الْغِذَاءُ أَسْرَعَ انْحِدَارًا عَنِ الْمَعِدَةِ، فَيَكُونُ النَّوْمُ عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ بُدَاءَةَ نَوْمِهِ وَنِهَايَتَهُ، وَكَثْرَةُ النَّوْمِ عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ مُضِرٌّ بِالْقَلْبِ بِسَبَبِ مَيْلِ الْأَعْضَاءِ إِلَيْهِ، فَتَنْصَبُّ إِلَيْهِ المواد.
وأردأ النَّوْمُ عَلَى الظَّهْرِ، وَلَا يَضُرُّ الِاسْتِلْقَاءُ عَلَيْهِ لِلرَّاحَةِ مِنْ غَيْرِ نَوْمٍ، وَأَرْدَأُ مِنْهُ أَنْ يَنَامَ مُنْبَطِحًا عَلَى وَجْهِهِ، وَفِي «الْمُسْنَدِ» وَ «سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ» عَنْ أبي أمامة قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ نَائِمٍ فِي الْمَسْجِدِ مُنْبَطِحٍ عَلَى وَجْهِهِ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: «قُمْ أَوِ اقْعُدْ، فَإِنَّهَا نَوْمَةٌ جَهَنَّمِيَّةٌ» (?) .
قَالَ أبقراط فِي كِتَابِ «التَّقْدِمَةِ» : وَأَمَّا نَوْمُ الْمَرِيضِ عَلَى بَطْنِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عَادَتُهُ فِي صِحَّتِهِ جَرَتْ بِذَلِكَ، فذلك يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَاطِ عَقْلٍ، وَعَلَى أَلَمٍ فِي نَوَاحِي الْبَطْنِ، قَالَ الشُّرَّاحُ لِكِتَابِهِ: لِأَنَّهُ خَالَفَ الْعَادَةَ الْجَيِّدَةَ إِلَى هَيْئَةٍ رَدِيئَةٍ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ ظَاهِرٍ وَلَا بَاطِنٍ.
وَالنَّوْمُ الْمُعْتَدِلُ مُمَكِّنٌ لِلْقُوَى الطَّبِيعِيَّةِ مِنْ أَفْعَالِهَا، مُرِيحٌ لِلْقُوَّةِ النَّفْسَانِيَّةِ، مُكْثِرٌ مِنْ جَوْهَرِ حَامِلِهَا، حَتَّى إِنَّهُ رُبَّمَا عَادَ بِإِرَخَائِهِ مَانِعًا مِنْ تَحَلُّلِ. الْأَرْوَاحِ.
وَنَوْمُ النَّهَارِ رَدِيءٌ يُورِثُ الْأَمْرَاضَ الرُّطُوبِيَّةَ وَالنَّوَازِلَ، وَيُفْسِدُ اللَّوْنَ.
وَيُورِثُ الطِّحَالَ، وَيُرْخِي الْعَصَبَ، وَيُكْسِلُ، وَيُضْعِفُ الشَّهْوَةَ إِلَّا فِي الصَّيْفِ وَقْتَ الْهَاجِرَةِ، وَأَرْدَؤُهُ نوم أول النهار، أردأ مِنْهُ النَّوْمُ آخِرَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ابْنًا لَهُ نَائِمًا نَوْمَةَ الصُّبْحَةِ، فَقَالَ لَهُ: قُمْ، أَتَنَامُ فِي السَّاعَةِ التي تقسم فيها الأرزاق.؟