وَفِي الترمذي أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أنه قال: «أوّل ما يسأل الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ النَّعِيمِ، أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ، وَنَرْوِكَ مِنَ الماء البارد» (?) .
ومن ها هنا قَالَ مَنْ قَالَ مِنَ السَّلَفِ فِي قَوْلِهِ تعالى: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ، (?) ، قَالَ: عَنِ الصِّحَّةِ.
وَفِي «مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ» أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ للعباس: «يَا عباس، يَا عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ! سَلِ اللَّهَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» (?) .
وَفِيهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَلُوا اللَّهَ الْيَقِينَ وَالْمُعَافَاةَ، فَمَا أُوتِيَ أَحَدٌ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنَ الْعَافِيَةِ» (?) . فَجَمَعَ بَيْنَ عَافِيَتَيِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَلَا يَتِمُّ صَلَاحُ الْعَبْدِ فِي الدَّارَيْنِ إِلَّا بِالْيَقِينِ وَالْعَافِيَةِ، فَالْيَقِينُ يَدْفَعُ عَنْهُ عقوبات الآخرة، والآخرة تَدْفَعُ عَنْهُ أَمْرَاضَ الدُّنْيَا فِي قَلْبِهِ وَبَدَنِهِ.
وَفِي «سُنَنِ النَّسَائِيِّ» مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ: «سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَالْمُعَافَاةَ، فَمَا أُوتِيَ أَحَدٌ بَعْدَ يَقِينٍ خَيْرًا مِنْ مُعَافَاةٍ» (?) ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ تَتَضَمَّنُ إِزَالَةَ الشُّرُورِ الْمَاضِيَةِ بِالْعَفْوِ، وَالْحَاضِرَةِ بِالْعَافِيَةِ، وَالْمُسْتَقْبَلَةِ بِالْمُعَافَاةِ، فَإِنَّهَا تَتَضَمَّنُ الْمُدَاوَمَةَ وَالِاسْتِمْرَارَ عَلَى الْعَافِيَةِ.
وَفِي الترمذي مَرْفُوعًا: «مَا سُئِلَ اللَّهُ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَافِيَةِ» (?) .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى: عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَأَنْ أُعَافَى فَأَشْكُرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُبْتَلَى فَأَصْبِرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ورسول الله يحبّ معك العافية» .