[*] ولما كان الكتاب والسنة لطالب العلم كالجناحين للطائر يتمسك بهما ويعض عليهما بالنواجذ لأن ذلك سبيل النجاةِ من الضلال لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما ثبت في صحيح الجامع عن أبى هريرة رضي الله عنه (تركتُ فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض)
ولأنه يجب على طالب العلم أن يتمسك بالوحيين كليهما (الكتاب والسنة) وليس الكتاب فقط لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما ثبت فى صحيح أبي داوود عن المقدام ابن معد يكرب رضي الله عنه (ألا وإني أوتيتُ القرآنَ ومثلَه معه) ولأن ما حرَّم رسول الله مثل ما حرم الله بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:
(حديث المقدام ابن معد يكرب رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (يوشك الرجل متكئاً على أريكته يُحَدَثُ بحديثٍ من حديثٍ فيقول بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلالٍ استحللناه وما وجدنا فيه من حرامٍ حرمناه، ألا وإن ما حرَّم رسول الله مثل ما حرم الله)
، ولذا كان السلف الصالح يدعون إلى التمسك بالوحيين كليهما ويضللون من يتمسك بالكتاب فقط , قال أبو قلابة: إذا رأيت رجل يقول هات الكتاب ودعنا من السنة فاعلم أنه ضال.
وقال الإمام احمد رحمه الله:
دين النبي محمدٍ أخبارُ ... نعم المطيةُ للفتى الآثارُ
لا ترغبَنَّ عن الحديثِ وأهله ... فالرأيُ ليلٌ والحديثُ نهارُ
وقال الشافعي رحمه الله
كُلُ العلومِ سوى القرآنِ مشغلةٌ ... إلا الحديثِ وعلم الفقه في الدين
العلمُ ما كان فيه قال حدثنا ... وما سوى ذاك وسواسِ الشياطين
لهذه الأسبابِ مجتمعة رأيت أن أقدم هذا الجهدَ المُقل المسمى (الضِيَاءُ اللامِعُ من صحيحِ الكتبِ الستةِ وصحيحِ الجامع) عساه أن يكون عوناً بعد الله تعالى لكل طالب علم في فروع العلم المختلفة مبتدأً بالأهم فالمهم فأبدأ بأحاديث التوحيد لأن التوحيد مُقَدَّمٌ على العمل والأصلُ الذي يترتبُ عليه غيره إذ لا ينفع مع الشركِ عمل، ثم أحاديث الفقه لأن الفقه هو أول ما يجب على العبد أن يتعلمه من دينه بعد التوحيد لأنه لا يتحقق للعبد متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في عباداته ومعاملاته إلا عن طريق الفقه، ثم أنتقل إلى أحاديث الفضائل ليتحلى بها طالب العلم ثم أعقبها