وينبغي أن يتطيب ويلبس أحسن ثيابه ويبكر إلى المسجد فيشتغل بالصلاة والقراءة والذكر حتى يأتي الإمام. وينبغي أن يتقدم في المكان كما تقدم في الزمان فيدنو من الإمام ولا يتأخر. ولقد رأيت بعض المحسنين المحبين للخير يأتون مبكرين للمسجد لكنهم يصلون في مؤخرة المسجد وهذا خلاف السنة بل السنة أن يتقدموا ويكملوا الصف الأول فالأول قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تقدموا وائتموا بي وليأتم بكم من وراءكم لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله» (رواه مسلم) .
ومن خصائص هذا اليوم صلاة الجمعة وخطبتها التي أمر الله بالسعي إليها في كتابه فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9] وأجمع المسلمون على فرضيتها وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من التهاون بها فقال صلى الله عليه وسلم: «من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه» . وقال صلى الله عليه وسلم: «لينتهين أقوام عن تركهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم فليكونن من الغافلين» فما أعظم حرمان هؤلاء الذين اتخذوا يوم الجمعة يوما للنزهة في البر يخرجون فيدعون صلاة الجمعة أما يخشى هؤلاء أن يشملهم هذا الحديث أما يخشون أن يطبع الله على قلوبهم فيكونوا من الغافلين عن ذكره المعرضين عن أمره أما يخافون أن يبدلهم الله بهذا الأمن والرخاء خوفا وشدة. لقد حرموا أنفسهم الاجتماع بالمسلمين في هذا اليوم العظيم وحرموا أنفسهم هذه الصلاة التي تكفر ما قبلها من صغائر الذنوب وحرموا أنفسهم ذكر الله ودعاءه في الصلاة وفي الخطبة والله لقد حرموا أنفسهم خيرا كثيرا وعرضوها إثما كبيرا ففي الأيام غير يوم الجمعة متسع لنزهاتهم وشغل لفراغهم الفكري والنفسي وحل لمللهم الحاصل بالعمل فإن عندهم نصف النهار الأخير واسع صالح للنزهة ولكن إذا كانوا يخرجون يوم الجمعة ويؤدون صلاة الجمعة في المساجد مع المسلمين فلا حرج عليهم.
ومن خصائص هذا اليوم أنه لا يجوز لمن تلزمه الجمعة أن يسافر بعد الأذان لها حتى يصلي إلا أن يؤديها في بلد في طريقه أو يخاف فوت سفره مثل أن يريد السفر في الطائرة ويخشى أن تفوته إن تأخر.
ومن خصائص هذا اليوم استحباب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه.