[الخطبة الثامنة في صفات النبي صلى الله عليه وسلم]

الخطبة الثامنة

في صفات النبي صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي من على من شاء من عباده بصفات الكمال ورفع بعضهم على بعض درجات ليبلوهم فيما أعطاهم من تلك الخصال وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الكبير المتعال وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث ليتمم مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما تعاقبت الأيام والليال وسلم تسليما.

أما بعد: أيها الناس اتقوا ربكم واعلموا ما له من الحكم البالغة في شرعه وخلقه وجزائه فله الحكمة البالغة الصادرة عن علم تام ورحمة واسعة شرع الشرائع فأحكمها وخلق المخلوقات فأتقنها ووضع الجزاء على وقف الحكمة والعدل والفضل: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68] وضع الرسالة العظمى في محمد صلى الله عليه وسلم و: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124] وضعها فيمن أكمله الله خلقة حيث جاء جسده كاملا متناسبا حسنا جميلا فكان صلى الله عليه وسلم ربعة من الرجال ليس بالطويل البائن ولا القصير بعيد ما بين المنكبين ضخم الأعضاء بتناسب رحب الصدر وكان أحسن الناس وجها أزهر اللون مشربا بحمرة مستدير الوجه مع سهولة الخدين أكحل العينين أدعجهما أسبغ الحواجب في غير قرن بينهما دقيق الأنف حسن الفم مفلج الأسنان براق الثنايا كث اللحية حسنها. قال أنس بن مالك رضي الله عنه توفاه الله وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء إنما كان شمط عند العنفقة وفي الصدغين والرأس يسيرا له شعر يبلغ شحمة أذنيه إلى مكنبيه كان يسدله ثم عدل إلى تفريقه على جانبي الرأس هذه صفاته الخلقية أكمل صفات الرجال بينتها لكم لتكون لكم آية عندما ترونه في النوم لأن من رآه في المنام على صفته الثابتة عنه فقد رآه حقا لأن الشيطان لا يتمثل به.

أما صفاته الخلقية فكان أكمل الناس خلقا في جميع محاسن الأخلاق قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] ففي الكرم كان صلى الله عليه وسلم أكرم الناس يعطي عطاء لا تبلغه الملوك سأله رجل فأعطاه غنما بين جبلين فرجع إلى قومه فقال يا قوم أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى فاقة قال جابر رضي الله عنه ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فقال لا وعلق به الأعراب يسألونه أن يقسم بينهم في مرجعه من حنين فقال صلى الله عليه وسلم لو كان لي عدد هذه العضاه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015