الله عليهم وقتل منهم سبعين رجلا من بينهم الكبراء والرؤساء وأسر سبعين وكان في ذلك مشركو قريش بنحو ثلاثة آلاف رجل ليأخذوا بالثأر من النبي صلى الله عليه وسلم فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بهم خرج إليهم فقاتلهم بنحو سبعمائة من أصحاب وكان النصر لهم حتى ولى المشركون الأدبار إلا أن الرماة الذين جعلهم النبي صلى الله عليه وسلم في ثنية الجبل يحمون ظهور المسلمين ولا يبرحون عن مكانهم تركوه حين ظنوا أن المعركة انتهت بظهور هزيمة المشركين ولكن الفرسان من المشركين كروا على المسلمين حين رأوا الثنية خالية فانتكس الأمر وصار كما قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 152]
وفي ربيع الأول من السنة الرابعة كانت غزوة بني النضير وهم إحدى قبائل اليهود الثلاث الذين كانوا في المدينة وعاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم حين قدمها فنقضوا العهد فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فتحصنوا بحصونهم: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} [الحشر: 2] وخرجوا منها أذلة فنزل بعضهم في خيبر وبعضهم في الشام.
وفي شوال من السنة الخامسة كانت غزوة الأحزاب الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من مشركي قريش وغيرهم بتحريض من اليهود من بني النضير الذين أرادوا أن يأخذوا بالثأر من النبي صلى الله عليه وسلم حين أجلاهم من المدينة فعسكروا حول المدينة بنحو عشرة آلاف مقاتل فضرب النبي صلى الله عليه وسلم الخندق على المدينة من الناحية الشمالية فحماها الله تعالى من الأعداء فأرسل الله عليهم ريحا شرقية عظيمة باردة: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25] وفي ذي القعدة من هذه السنة حاصر النبي صلى الله عليه وسلم بني قريظة آخر قبائل اليهود في المدينة فقتل رجالهم وسبى ذريتهم ونساءهم لنقضهم العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فأورث الله نبيه والمؤمنين أرضهم وديارهم وأموالهم.