وإن التوبة لن تكون نصوحا مقبولة حتى يتم فيها خمسة شروط:
لن تكون مقبولة حتى تكون خالصة لله عز وجل بأن يكون الباعث لها حب الله تعالى وتعظيمه ورجاء ثوابه والخوف من عقابه فلا يريد بها تزلقا إلى مخلوق ولا عرضا من الدنيا. ولن تكون التوبة مقبولة حتى يكون نادما أسفا على ما فعل من المعصية بحيث يتمنى أنه لم يفعل المعصية لأن هذا الندم يوجب الانكسار بين يدي الله عز وجل والإنابة إليه. ولن تكون التوبة مقبولة حتى يقلع عن المعصية فإن كانت المعصية بفعل محرم تركه في الحال وإن كانت بترك واجب فعله في الحال إن كان ما يمكن قضاؤه وإن كانت مما يتعلق بحقوق الخلق تخلص منها وأداها إلى أهلها واستحلهم منها فلا تصح التوبة من الغيبة وهو مستمر عليها ولا تصح التوبة من الربا وهو مستمر على التعامل به. إن كثيرا من الناس عندما تنصحه ليلقع من المعصية يقابلك بقول الله يعيننا على أنفسنا ونعم ما قال فإن الله إذا لم يعن العبد فلا خلاص له ولكنها كلمة حق أريد بها باطل أريد بها الاعتذار عن الاستمرار في المعصية وليست بعذر لأن العبد مأمور مع الاستعانة بالله أن يحرص على ما ينفعه قال النبي صلى الله عليه وسلم احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. فلا تقبل التوبة من ترك صلاة الجماعة مثلا وهو مستمر على ترك الجماعة ولا تقبل التوبة من الغش والخيانة وهو مقيم على ذلك. إن من يدعي التوبة من ذنب وهو مقيم عليه فتوبته استهزاء بالله عز وجل لا تزيده من الله إلا بعدا كمن اعتذر إليك من فعل شيء وهو مقيم عليه فإنك لا تعتبره إلا مستهزئا بك لاعبا عليك.
فاتقوا الله أيها المسلمون وتوبوا إلى ربكم وأقلعوا من ذنوبكم واعزموا أن لا تعودوا في المستقبل فلن تكون التوبة مقبولة حتى يعزم التائب أن لا يعود في المستقبل لأنه لم يعزم على ذلك فتوبته مؤقتة يتحين فيها الفرص المواتية لا تدل على كراهيته للمعصية وهربه منها إلى طاعة الله عز وجل. وأن تكون التوبة مقبولة حتى تصدر في زمن قبولها وهو ما قبل حضور الأجل وطلوع الشمس من مغربها فإن كانت التوبة بعد حضور الأجل ومعاينة الموت لم تقبل قال الله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} [النساء: 18] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر يعني بروحه» (رواه أحمد