طالب العلم منهم فلا بأس. فإذا أوقفه على الفقير منهم فلاحظ فيه للغني حال غناه وإذا أوقفه على طالب العلم فلاحظ فيه لغير طالب العلم حال تخليه عن الطلب.
ولا يجوز أن يوقف شيئًا من ماله وعليه دين لا وفاء له من غير ما وقفه حتى يوفي دينه لأن ذلك إضرار بغريمه ووفاء الدين أهم لأنه واجب والوقف تطوع. ولا يجوز أن يوصي بوقف شيء بعد موته على بعض ورثته دون بعض لأن الله قسم المال بين الورثة وقال {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} [النساء: 11] وفي الآية {وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ} [النساء: 12] وبين أن ذلك من حدوده وتوعد من تعداها وقال النبي صلى الله عليه وسلم «إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث» .
فإذا قال أوصيت بداري وقفًا على ذريتي وله ورثة غير الذرية كان ذلك خروجًا عن فريضة الله وإخلالًا بوصية الله وتعديًا لحدوده ومعصيةً لرسوله.
أيها المسلمون إذا كان المقصود بالوقف هو التقرب إلى الله عز وجل ونفع الموقوف عليهم فالذي ينبغي أن ينظر الإنسان فيما هو أقرب إلى الله وأنفع لعباده ولينظر في النتائج المترتبة على وقفه وليتجنب ما يكون سببًا للعداوة والقطيعة وليعلم أن إنفاق المال في حال الحياة والصحة خير وأفضل وأعظم أجرًا لا سيما إذا كان في صالح مستمر كبناء المساجد وإصلاح الطرق وتأمين المياه وطبع الكتب النافعة أو شرائها وتوزيعها على من ينتفع بها وإعانة في زاوج فقير يحصنه ويحصن زوجته وربما يولد بينهما صالح ينفع المسلمين فهو مصلحة وأجر لمن أعانه على زواجه ولو قدر أنه ولد بينهما فاسد لم يضر المعين شيئًا لأنه لم يعنه من أجل طلب مثل هذا الولد. وفي صحيح مسلم «أن رجلًا قال يا رسول الله أي الصدقة أفضل وفي لفظ أعظم أجرًا قال أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل البقاء ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان» . وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الصدقة في حالة الصحة أفضل لأنها صدقة من شخص يخاف الفقر ويأمل طول البقاء فهو شحيح بالمال لذلك بخلاف من جعل تنفيذ المال بعد يأسه من الحياة وانتقال المال للوارث. وقد تصدق الله على عباده بثلث أموالهم يوصون بها بعد موتهم لأقاربهم غير الوارثين أو للفقراء أو لبناء المساجد أو غيرها من طرق الخير والبر.