ويتبعون سبيل ربهم ويلتزمون بشريعته ويقفون عند حدود ويقولون سمعنا وأطعنا ولا يكونون كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون أو قالوا سمعنا وعصينا.
أيها الناس إن شريعة الله نظمت للناس طرق معاملاتهم فيما بينهم كما نظمت طرق أخلاقهم ومعاملاتهم مع ربهم فالواجب على كل مؤمن بالله واليوم الآخر أن يدين لله بالطاعة في عباداته وأخلاقه ومعاملاته ولا يكون كالذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض يدين لله في عباداته وأخلاقه ويتبع هواه في معاملاته فإنه مسؤول عن ذلك كله وكم في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من وعد لمن استقام في معاملاته على أمر الله ووعيد على من تعدى فيها حدود الله.
أيها الناس لقد حرم الله تعالى الربا في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأجمع على ذلك علماء المسلمين في كل عصر وفي كل مصر لم يختلف منهم في تحريمه اثنان قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ - فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 278 - 279] وأي جرم في المعاملة أبلغ من معاملة يكون فيها الإنسان معلنًا بحرب الله ورسوله. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هو سواء» (رواه مسلم) . ولقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يكون فيه الربا وكيف يكون ففي صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلًا بمثل سواءً بسواء يدًا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد» . وله من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي فيه سواء» .
فبيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنه لا يجوز بيع الذهب بالذهب إلا بشرطين.
الأول أن يكونا سواء في الوزن لا يزيد أحدهما على الآخر والثاني أن يكون ذلك يدًا بيد بمعنى أن يسلم كل واحد من الطرفين لصاحبه ما بادله به قبل أن يتفرقا فإن زاد أحدهما على الآخر فهو ربا والعقد باطل وإن تفرقا قبل القبض من الطرفين فالعقد باطل وهو من الربا أيضا وهكذا إذا بيعت الفضة بالفضة أو البر بالبر أو الشعير بالشعير أو التمر بالتمر أو الملح