الخطبة الثانية
في فضيلة العلم الحمد لله الذي فقه من أراد به خيرا في الدين ورفع منازل العلماء فوق العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهد لنفسه بالوحدانية وشهد بها ملائكته والعلماء من المؤمنين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث هدى للعالمين وحجة على العباد أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.
أما بعد أيها الناس اتقوا الله تعالى وتفقهوا في دينكم فمن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين معرفة ما أنزل الله على رسوله من الأحكام بأدلتها وما يترتب عليها من ثوابها وعقوبتها فإنه بمعرفته ذلك يكون متعبدا لله على بصيرة ونافعا لعباد الله في عباداتهم ومعاملاتهم الدقيقة والجليلة ولا شك أن هذا خير عظيم وفضل جسيم في التفقه في الدين يرفع الله الدرجات ويجرى للعبد عمله في الحياة وبعد الممات في التفقه في الدين يكون المرء وارثا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام في التفقه في الدين ييسر للمرء الطريق إلى الجنات والوصول إلى رب الأرض والسماوات في التفقه في الدين يكون المرء من العلماء أهل الخشية لله والمحسنين إلى عباد الله، طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها وتضعها له رضاء بما يطلب فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر» وقال: « (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا) قالوا: يا رسول الله وما رياض الجنة؟ قال: " مجالس العلم" وفي رواية " حلق الذكر» كان ابن مسعود رضي الله عنه إذا ذكر هذا الحديث قال: أما إني لا أعنى القصاص ولكن حلق الفقه وفي مسند الإمام أحمد عن قبيصة رضي الله عنه قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما جاء بك فقلت كبر سني ورق عظمي وأتيتك لتعلمني ما ينفعني الله به فقال: يا قبيصة ما مررت بحجر ولا شجر ولا مدر إلا استغفر لك» فهذه