واللباس مما خلق الله لنا في الأرض، فهو حل لنا حتى يقوم دليل على تحريمه، ولهذا كان الحل من اللباس أكثر بكثير من المحرم، وأما المحرم فهو قليل بالنسبة إليه؛ لأن عطاء الله سبحانه أوسع من منعه، ولا يمنع إلا لحكمة بالغة اقتضت المنع.

فمن المحرم لباس الصور، ولباس ما فيه صورة؛ لأن «عائشة رضي الله عنها اشترت نمرقة، والنمرقة الوسادة أو المخدة، وكان فيها تصاوير، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رآها قام على الباب، ولم يدخل، قالت: فعرفت في وجهه الكراهية، فقلت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله، ماذا أذنبت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما بال هذه النمرقة؟ " فقلت: اشتريتها لك لتقعد عليها، وتوسدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم " ثم قال: " إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة» . رواه البخاري ومسلم. النبي صلى الله عليه وسلم قام على الباب، ولم يدخل؛ لأن في البيت مخدة فيها صورة ظهرت كراهية ذلك على ملامح وجهه حتى أعلنت أم المؤمنين عائشة التوبة من أجل ما رأت في وجهه. ومن أمة محمد ومن المؤمنين من يصطحبون الصور في ملابسهم فيلبسون الصور، أو يلبسون ما فيه الصور نعم لقد غزانا أعداء الإسلام بفتنة هذه الصور، فأتونا بها من كل فج، ورمونا بها من كل ناحية، وضعوا هذه الصور في ملابسنا، فكان في بعض الأقمشة صور الحيوانات الكبيرة أو الصغيرة بالتلوين تارة، وبوضع قصاصات أو مطاط على صورة حيوان تارة، وتجدون ذلك ظاهرا في الألبسة الجاهزة، وصنعوا لنا حليا من الذهب أو غيره على صورة الحيوانات على صورة فراشة أو سمكة لتلبسه، فتفارقنا الملائكة بلبسه، صنعوا لنا ذلك كله، وأكثروا علينا ليهون علينا أمره، وننسى أمر الله ورسوله فيه، أو نتهاون في أمر الله ورسوله، وإن لباس هذه المصورات محرم بيعها وشراؤها محرم؛ لأنه إعانة على الإثم، وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2] وكما لا يجوز للمسلم أن يلبس الصورة، أو ما فيه صورة، فإنه لا يجوز له أن يلبسها صبيه الصغير ذكرا أم أنثى. والخلاص من ذلك إذا كانت عند الإنسان الآن أن يقطع رأسها إن كانت حليا أما إن كانت في قماش فإن كانت ملصقة إلصاقا قلعها، أو قلع رأسها، وإن كانت مرسومة باللون وضع على الرأس لونا يطمسه. وفي صحيح مسلم عن أبي الهياج الأسدي «أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال له: ألا أبعثك على ما بعثني عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015