بسم الله الرحمن الرحيم
القسم الأول
في العلم والإفتاء الخطبة الأولى
في الحث على طلب العلم الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض، وجعل الظلمات والنور، وفضل العلم على الجهل: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] وفقه من أراد به خيرا في دين الله فأصبح من العالمين المهتدين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يمن بالفضل ويمنع بالعدل وهو أعلم حيث يجعل رسالته وهو أعلم بالمهتدين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله رسول الله إلى الأولين من هذه الأمة والآخرين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى وتفقهوا في دينكم فإن من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، اطلبوا العلم فإن العلم نور وهدى والجهل ظلمة وضلال وشقاء، اطلبوا العلم فإن العلماء ورثة الأنبياء فالأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر من ميراثهم، اطلبوا العلم فإن العلم الشرعي رفعة في الدنيا والآخرة وأجر مستمر لصاحبه قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له» اطلبوا العلم يكن لكم لسان صدق في الآخرين فإن آثار العلم تبقى بعد فناء أهله فالعلماء الربانيون لم تزل آثارهم محمودة وطريقتهم مأثورة وسعيهم مشكورا وذكرهم مرفوعا إن ذكروا في المجالس امتلأت المجالس بالثناء عليهم والدعاء لهم وإن ذكرت الأعمال الصالحة والآداب العالية كانوا قدوة الناس فيها) : {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: 122]
أيها الناس: تعلموا العلم للعلم لتنالوا بركته وتجنوا ثمرته تعلموا العلم للعمل لتعلموا به لا لتجادلوا به وتماروا به فإن من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يجاري به العلماء فقد عرض نفسه لعقوبة الله ونزل بها إلى الهدف الأسفل.
لا تطلبوا العلم للمال فإن العلم أشرف من أن