الخطبة السابعة
في حكم استماع آلات اللهو الحمد لله الذي خلق الخلق ليعبدوه وأدر عليهم النعم والأرزاق ليشكروه وأمرهم بحماية أعمارهم وحفظ أوقاتهم أن يضيعوها سدى ليستفيدوا من حياتهم ويفوزوا بالربح والفلاح حين يلاقوه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحكمة في خلقه وشرعه وله الحكم المطلق بين خلقه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل النبيين وإمام المتقين وسيد أولي العزم من المرسلين الذي بعثه الله رحمة للعالمين وقدوة للعاملين وحجة على العباد أجمعين فبين للعباد طرق سيرهم إلى الله ونظم لهم شؤونهم وأعمالهم في هذه الدنيا وبعد الممات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما.
أما بعد، أيها الناس: اتقوا الله تعالى واعلموا أنكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى وإنما خلقتم لأمر عظيم وهيئتم للقيام بعمل جليل جسيم خلقتم لعبادة الله والامتثال لأوامره والانزجار عن نواهيه لقد أمركم الله تعالى بكل ما يقوم هذه العبادة ونهاكم عن كل ما يصدكم عن ذكر الله وعن طريق السعادة ألا وإن في مجتمعكم مشكلة تصد عن ذكر الله وتوجب للعبد الغفلة عن طاعة الله لا أقول إنها مشكلة علمية لأن الكثير يعرف حكمها ولكن المشكلة فيها هو العمل والتنفيذ ألا أنبئكم ما هي المشكلة؟ هي مشكلة الإصرار على اللهو من الاستماع إلى آلات الطرب والغناء المحرم التي أصبح كثير من الناس عاكفا عليها حتى أشغلته عن كثير مما يهمه ويعنيه في دينه ودنياه فكان في ذلك ضياع للوقت ونفاد للمال وإصرار على المعصية وتعلق القلب بغير الله ولا أدري أيها الإخوان ما شأن المصرين عليها هل هم في شك في تحريمها أم عندهم ضعف في إيمانهم وعزيمتهم أم هم رأوا الأسباب المقتضية لها فظنوا أنه لا بأس بها وصدق قول القائل مع كثرة الإمساس نقل الإحساس فمن كان في شك في تحريمها فليستمع إلى بعض النصوص الواردة فيها فمن ذلك قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان: 6] أكثر المفسرين على أن المراد بذلك اللهو الغناء قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: والله الذي لا إله غيره إن ذلك هو الغناء وكررها ثلاث مرات وتفسير الصحابة حجة لأنهم أعلم الناس بالقرآن لفظا ومعنى حتى قال بعض العلماء أنه في حكم المرفوع وفي صحيح