عظم مخلوقاً بالحلف تعظيماً كتعظيم الله، فقد أشرك شركاً أكبر. وقال لما عد من هذه الألفاظ ونحوها في شرح "المدارج": وقد يكون ذلك شركاً أكبر بحسب ما قام بقلب فاعله. وحديث ابن عمر صريح في إطلاق الكفر والشرك بالحلف بغير الله. فمن منع الإطلاق فهو مشاق لله ولرسوله، ولكن ساق البخاري في "صحيحه" قول ابن عباس: كفر دون كفر، وشرك دون شرك، وظلم دون ظلم.
وأما قوله: (من حلف بغير الله فقد كفر. فقد حمله أئمة الحديث من شافعية وحنفية وحنابلة ومالكية على أن المقصود به: كفر النعمة) .
فأقول: هذا الحمل ضعيف جداً، إذ ما من معصية وذنب يفعله المكلف المختار إلا وفيه من كفر النعمة بحسبه. والشكر هو استعمال النعمة في طاعة معطيها ومسديها، مع محبته، والرضا عنه، والثناء بها عليه، والشكر ضد الكفر، فمن أخل بشيء من الشكر ففيه من كفر النعمة بحسب ذلك، فتحصل أن كفر النعمة لا يختص بما أطلق عليه الشارع الكفر من الأفعال، فلا بد للنص من معنى يخصه، وحكمة في تخصيص بعض الأفراد، وهذا معلوم بالشرع والفطرة، إذ تخصيص بعض أفراد الجنس من غير مخصص يقتضي ذلك تحكم محض، وترجيح بلا مرجح.