فإن فهم الحجة نوع آخر غير قيامها، قال الله تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [سورة الفرقان:44] .

وقال تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [سورة البقرة: 7] . وقال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً. الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً. أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ} الآية [سورة الكهف: 103-104-105] .

وأما قوله: (فالذي يؤمن بالله ورسوله، فإن الله قد يغفر له برحمته بعض الذنوب القولية والعملية) .

فأقول: هذا حق، وذلك فيمن أتى ذنباً لا يخرجه من الملة، أو كان ذلك القول أو الفعل مما ليس بضروري في الدين، كما تقدم بيانه، وأما من أشرك بالله في عبادته، فقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [سورة النساء: 48 و 116] فأما من أتى بالشرك الأكبر، فالله قد حرم عليه الجنة، ومأواه النار، وإن زعم أنه مؤمن بالله ورسوله، وتلفظ بالشهادتين، فإن هذا لا ينفعه مع فعل الشرك المخرج من الملة، كدعائه غير الله، واستغاثته بمن سواه، والالتجاء إليه، وطلب الحوائج من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015