عبد الرحمن، أن ابن مسعود كان يلحق بهن "خائفاً، مستجيراً مستغفراً، راهباً راغباً إليك"، ثم رواه من وجه آخر عن المسعودي بنحوه. انتهى.
فإذا تبين لك كلام أئمة التفسير، وأن الاستثناء في آية "مريم" لا يفيد إثبات الملك، والأكثر على أنه منقطع، وعلى القول بأنه متصل، فلا حجة فيه، بل هو كقوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً} [طه:109] فالاستثناء دليل على حصولها ووقوعها، لا على أنها تملك كسائر الأملاك العادية، كما يظنة أهل الجاهلية، وكما يقول هذا الملحد: (إن الله ملكهم الشفاعة فأي مانع من طلب شيء مما ملكوه بإذنه تعالى؟) إلى آخر كلامه.
ومراده أنهم يملكونها كما يملك الملاك أموالهم، فيتصرفون فيها بما يشاءون، وهذا خلاف ما دل عليه القرآن والسنة، وأجمع عليه علماء الأمة، فإنه قد دل القرآن والسنة وإجماع علماء الأمة على أن الشفاعة بيده سبحانه، ملكاً له خاصة، لا يتقدم أحد فيها إلا بإذنه، ولا تنال إلامن رضي قوله وعمله، من أهل الإيمان والتوحيد، والأحاديث صريحة في أنه صلى الله عليه وسلم -وهو سيد الشفعاء- لا يشفع ابتداء، وأنه يحد له حداً، ويعين له من أراد الله رحمته، وإكرام نبيه بالشفاعة فيه، فهو عبد مأمور مدبر، لا مالك