فأقول: نعم، هذا حق، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يتوسلون به في حال حياته، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اللهم إنا1 كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، فاسقنا.
فلو كان التوسل به بعد وفاته جائزاً لما عدل الفاروق إلى عمه العباس، مع إمكان التوسل به عند قبره -لو كان جائزاً- ومن المعلوم أن التوسل المشروع إنما هو بدعائه، كما تقدم بيانه، وكما سيأتي إن شاء الله.
بل في ذلك أصرح دلالة على المنع من التوسل به الشرعي بعد وفاته، بدليل أنه لا أكمل من هدي الصحابة، ولا تعظيم للرسول صلى الله عليه وسلم فوق تعظيمهم، ولا معرفة لقدره فوق معرفتهم، ومع ذلك لم يكن أحد منهم قط يأتي إلى قبره، ويقول: يا رسول الله فعلت كذا وكذا، فاستغفر لي، ومن نقل هذا عن أحد منهم فقد جاهر بالكذب والبهت.
وأما قوله: (وأنت تعلم أن استغفاره صلى الله عليه وسلم لأمته لا يتقيد بحال حياته، كما دلت عليه الأحاديث الواردة مما سننقله) .