فلما استأثر الله عز وجل بنبيه صلى الله عليه وسلم، ونقله من بين أظهرهم إلى دار كرامته، لم يكن أحد منهم قط يأتي إلى قبره ويقول: يا رسول الله فعلت كذا وكذا فاستغفر لي، ومن نقل هذا عن أحد منهم فقد جاهر بالكذب والبهت، أفترى: عطل1 الصحابة والتابعون -وهم خير القرون على الإطلاق- هذا الواجب الذي ذم الله سبحانه من تخلف عنه، وجعل التخلف عنه من أمارات النفاق، ووفق2 له من لا يؤبه له من الناس، ولا يعد في أهل العلم. فكيف أغفل هذا أئمة الإسلام وهداة الأنام من أهل الحديث والفقه والتفسير، ومن لهم لسان صدق في الأمة، فلم يدعوا إليه، ولم يحضوا عليه، ولم يرشدوا إليه، ولم يفعله إحد منهم ألبتة؟ بل المنقول الثابت عنهم ما قد عرف مما يسوء الغلاة فيما يكرهه وينهى عنه من الغلو والشرك الجفاة عما يحبه ويأمر به من التوحيد والعبودية.
ولما كان هذا المنقول شجى في حلوق الغلاة، وقذى في عيونهم، وريبة في قلوبهم، قابلوه بالتكذيب والطعن في الناقل، ومن استحيا منهم من أهل العلم بالآثار قابله بالتحريف والتبديل. ويأبى الله إلا أن يعلي منار الحق، ويظهر أدلته ليهتدي المسترشد، وتقوم الحجة