والثالث: أن دعوى كون الأنبياء والصالحين سبباً للغوث، وكسباً له، محتاج إلى إقامة الدليل، ودونه لا تسمع، وبالجملة فهذه شبهة داحضة، ووسوسة زاهقة، تنادي بأعلى نداء على صاحبها بالجهل والسفه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: وقد علم بصريح المعقول أن الله تعالى إذا خلق صفة في محل كانت صفة لذلك المحل، فإذا خلق حركة في محل كان ذلك المحل هو المتحرك بها، وإذا خلق لوناً أو ريحاً في جسم كان هو المتلون المتروح بذلك، وإذا خلق علماً أو قدرة أو حياة في محل كان ذلك المحل هو العالم القادر الحي، فكذلك إذا خلق إرادة وحباً وبغضاً في محل، كان هو المريد المحب المبغض، فإذا خلق فعل العبد كان العبد هو الفاعل، فإذا خلق له كذباً أو وظلماً وكفراً، كان هو الكاذب الظالم، الكافر، وإن خلق له صلاة وصوماً وحجاً كان العبد هو المصلي الصائم الحاج، والله تعالى لا يوصف بشيء من مخلوقه، بل صفاته قائمة بذاته، وهذا مطرد على أصول السلف، وجمهور المسلمين من أهل السنة، وغيرهم ... إلى آخر كلامه رحمه الله.
فعلى زعم هذا الملحد أن الله تعالى هو الكاذب، الظالم، الكافر حقيقة لأن الله هو الخالق لذلك، والموجد له حقيقة وإسناده إلى العبد مجاز، سبحانك هذا بهتان عظيم.