والمقصود أن شيخ الإسلام رحمه الله جعل الاستغاثة بغير الله من الشرك الأكبر المخرج من الملة.
وقال الحافظ محمد بن عبد الهادي رحمه الله في رده على السبكي في قوله: (إن المبالغة في تعظيمة -أي الرسول صلى الله عليه وسلم- واجبة) : إن أُريد به المبالغة بحسب ما يراه كل أحد تعظيماً حتى الحج إلى قبره، والسجود له، والطواف به، واعتقاد أنه يعلم الغيب، وأنه يعطي ويمنع، ويملك لمن استغاث به من دون الله الضر والنفع، وأنه يقضي حوائج السائلين، ويفرج كربات المكروبين، وأنه يشفع فيمن يشاء، ويدخل الجنة من يشاء، فدعوى المبالغة في هذا التعظيم مبالغة في الشرك، وانسلاخ من جملة الدين. اهـ.
وأما قوله: (فالغوث منه تعالى إنما يكون خلقاً وإيجاداً، والغوث من النبي صلى الله عليه وسلم إنما يكون تسبباً وكسباً) .
فأقول: هكذا كانت مشركوا الجاهلية حذو النعل بالنعل، كانوا يدعون الصالحين، والأنبياء والمرسلين، طالبين منهم الشفاعة عند رب العالمين، كما قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18] ، وقال تعالى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] .