والنوع الثالث: الشرك الخفي. والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة السوداء، على صفاة1 سوداء، في ظلمة الليل". وكفارته قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم، وأستغفرك من الذنب الذي لا أعلم".
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: الشرك شركان: شرك يتعلق بذات المعبود وأسمائه وصفاته وأفعاله. وشرك في عبادته ومعاملته، وإن كان صاحبه يعتقد أنه سبحانه لا شريك له في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله.
والشرك الأول نوعان: أحدهما شرك التعطيل، وهو أقبح أنواع الشرك، كشرك فرعون إذ قال وما رب العالمين؟ وقال تعالى مخبراً عنه إنه قال: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ. أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً} [غافر:36-37] .
فالشرك والتعطيل متلازمان، فكل مشرك معطل، وكل معطل مشرك، لكن الشرك لا يستلزم أصل التعطيل، بل قد يكون المشرك مقراً بالخالق سبحانه، وصفاته، ولكن عطل حق التوحيد.