الجاهلية لا يعرفون من لفظ الجسم ما أحدثه هؤلاء المتأخرون من أنه مركب إما من المادة والصورة، أو من الجواهر المنفردة، أو ما تركب من أجزاء متفرقة، ولا كانوا يعرفون ما أحدثه هؤلاء من لفظ "الأعراض" و"الأغراض" و"الأبعاض" و"الحيز" و"الجهة". وإنما يعرف هذا عن1 ورثة المجوس، والمشركين وضلال اليهود، والنصارى والصابئين، وأفراخ المتفلسفة، وأتباع الهند، واليونان، وأما العرب الذين نزل القرآن بلغتهم، فإن الجسم معناه في لغتهم البدن الكثيف، الذي لا يسمى في اللغة جسم سواه، فلا يقال للهواء جسم لغة، ولا للنار ولا للماء.
وإذا كان ذلك كذلك، كان هذا المعنى منفياً عن الله تعالى عقلاً وسمعاً.
وكذلك ما يعني هؤلاء الملاحدة بالجسم أنه مركب إما2 من المادة والصورة والهيولي، أو من الجواهر المنفردة3، أو من الأجزاء المتفرقة: منفي عن الله تعالى باتفاق من أثبته ومن نفاه من العقلاء، حتى في الممكنات.
فإذا تمهد هذا فالكفار الجهال كانوا أصح عقولاً،