فإن الكلم عرض يمتنع عليه الانتقال بنفسه، وقوله سبحانه: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [البقرة:210] أي: يأتي عذابه، وقوله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 8-9]

أي: قرب رسوله إليه بالطاعة، والتقدير بقاب قوسين أو أدنى تصوير للمعقول بالمحسوس، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنه تعالى ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليلة، فيقول: هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ " معناه: تنزل رحمته وخص بالليل لأنه مظنة الخلوات، وأنواع الخضوع والعبادات، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث) . انتهى كلامه.

وقد علمت مما تقدم بطلان هذه التأويلات، وأنها تأويلات الجهمية والمعتزلة الخارجين عن طريقة أهل السنة والجماعة، وإنما ذكرناها هاهنا من كلامه ليعرف المسلم قدر نعمة الله عليه بالإسلام، وسلوك طريقة سلف الأمة وأئمتها، ويشكر الله عليها، ويحمده، فإن من أنعم الله عليه بالسلامة من سولك طريقة هؤلاء الضلال فقد أوتي خيراً كثيراً، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، فإن الرسول قد بلغ البلاغ المبين، ونصح الأمة، وأدى الأمانة، وقامت حجة الله على خلقه {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015