وفي ذلك من الإحاطة بها ما لا يخفى، وإن شاء لم يفعل، وبكل حال فهو مباين لها ليس بمحايث لها.
ومن المعلوم أن الواحد منا –ولله المثل الأعلى- إذا كان عنده خردلة إن شاء قبضها فأحاطت بها قبضته، وإن شاء لم يقبضها، بل جعلها تحته فهو في الحالين مباين لها، وسواء قدر أن العرش محيط بالمخلوقات كإحاطة الكرة بما فيها، أم قيل إنه فوقها وليس محيطاً بها كوجه الأرض الذي نحن عليها بالنسبة إلى جوفها، أو كالقبة بالنسبة إلى ما تحتها، أو غير ذلك، فعلى التقديرين يكون العرش فوق المخلوقات، والخالق سبحانه فوقه، والعبد في توجهه إليه عز وجل يقصد العلو دون التحت. ثم قال رحمه الله:
وأما إذا قدر أنه ليس بكري1 الشكل، بل هو فوق العالم من الجهة التي هي وجه الأرض، وأنه فوق الأفلاك الكرية، كما أن وجه الأرض الموضوع للأنام فوق نصف الأرض الكري، أو غير ذلك من التقادير التي يقدر فيها أن العرش فوق ما سواه2، فعلى كل تقدير لا يتوجه3 إلى الله تعالى إلا إلى العلو، مع كونه على عرشه، مبايناً لخلقه،