الأجسام المستديرة، بأن المحيط الذي هو السقف هو أعلا عليين، وأن المركز الذي هو باطن ذلك وجوفه، وهو قعر الأرض، وهو سجين وأسفل سافلين، علم بسبب مقابلة الله تعالى بين أعلى عليين، وبين سجين، مع أن المقابلة إنما تكون في الظاهر بين العلو والسفول، أو بين السعة والضيق، وذلك أن العلو مستلزم للسعة، والضيق مستلزم للسفول، وعلم أن السماء فوق الأرض مطلقاً، لا يتصور أن تكون تحتها قط، وإن كانت مستديرة محيطة، وكذلك كلما علا كان أرفع وأشمل.

وعلم أن الجهة قسمان: قسم ذاني، وهو العلو والسفول فقط. وقسم إضافي، وهو ما ينسب إلى الحيوان بحسب حركته، فما أمامه يقال له أمام، وما خلفه يقال له خلف، وما عن يمينه يقال له اليمين، وما عن يساره يقال له اليسار، وما فوق رأسه يقال له فوق، وما تحت قدميه يقال له تحت، وذاك أمر إضافي، أرأيت لو أن رجلاً علق رجلاه إلى السماء ورأسه إلى الأرض، أليست السماء فوقه وإن قابلها برجليه، وكذلك النملة وغيرها لو مشى تحت السقف مقابلاً له برجليه وظهره إلى الأرض لكان العلو محاذياً لرجليه وإن كان فوقه، فأسفل سافلين ينتهي إلى جوف الأرض، والكواكب التي في السماء وإن كان بعضها محاذياً لرؤوسنا وبعضها في النصف الآخر من الفلك فليس شيء منها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015