وجودياً، وإن أراد بالجهة أمراً عدمياً منع المقدمة الثانية، فإنه إذا قال الباري ليس في جهة عدمية، وقد علم أن العدم ليس بشيء، كان حقيقة قوله أن الباري لا يكون موجوداً قائماً بنفسه حيث لا موجود إلا هو، وهذا باطل، وإن قال أحد: يستلزم أن يكون جسماً أو متحيزاً عاد الكلام معه في مسمى الجسم المتحيز، فإن قال: هذا يستلزم أن يكون مركباً من الجواهر المنفردة، أو من المادة والصورة وغير ذلك من المعاني الممتنعة على الرب لم يسلم له هذا التلازم، وإن قال يستلزم أن يكون الرب يشار إليه برفع الأيدي في الدعاء، وتعرج الملائكة والروح إليه، ويعرج محمد صلى الله عليه وسلم إليه، وتنزل الملائكة من عنده، وينزل منه القرآن ونحو ذلك من اللوازم التي نطق بهم الكتاب والسنة وما كان في معناها، قيل له: لا نسلم انتفاء هذه اللوازم، فإن قال: ما استلزم هذه اللوازم فهو جسم، قيل: إن أردت أنه يسمى جسماً في اللغة والشرع فهذا باطل، وإن أردت أن يكون جسماً مركباً من المادة والصورة، أو من الجواهر المركبة، فهذا أيضاً ممنوع في العقل، فإنما هو جسم باتفاق العقلاء كالأجسام، لا نسلم أنه مركب بهذا الاعتبار، كما قد بسط في موضعه.
وتمام ذلك بمعرفة البحث العقلي في تركيب الجسم الاصطلاحي من هذا وهذا، وقد بسط في غير هذا