فتبين مما ذكره الشراح أن المراد من قوله: "من قبل المشرق" أنه العراق ونواحيه، لأن به كانت وقعة الجمل، ووقعة صفين، وهي لم تكن إلا في ناحية العراق، وخروج الخوارج إنما كان من البصرة والكوفة، فأين هذه الأماكن من اليمامة لو كانوا يعلمون، ولكن الأمر كما قيل:
رمتني بدائها وانسلت
وقال الداوودي: إن نجداً من ناحية العراق. ذكر هذا الحافظ ابن حجر، ويشهد له ما في مسلم عن ابن غزوان سمعت سالم بن عبد الله سمعت ابن عمر يقول: يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة، وأركبكم للكبيرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الفتنة تجيء من ههنا"، وأومى بيده إلى المشرق، فظهر أن هذا الحديث خاص لأهل العراق، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فسر المراد بالإشارة الحسية، وقد جاء صريحاً في الكبير للطبراني النص على أنها العراق، وقول ابن عمر، وأهل اللغة وشهادة الحال كل هذا يعين المراد، ومن المعلوم بالضرورة أن وقعة الجمل وصفقين لم تكن بأرض اليمامة، ولا كان خروج الخوارج على علي رضي الله عنه إلا بحروراء1 من جهة العراق ونواحيها.