قال: فما سمعته يقول بشيء قط: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, فلما كان ذات عشية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فنكس. قال: فنظرت إليه, فهو قائم محللة أزرار قميصه، قد اغرورقت عيناه، وانتفخت أوداجه، قال: أو دون ذلك, أو فوق ذلك, أو قريبا من ذلك, أو شبيها بذلك"1.
ويصرح أنس بسبب إقلاله الرواية فيقول: "لولا أني أخشى أن أخطئ لحدثتكم بأشياء سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم"2.
ولشدة دقة أنس وحيطته في الرواية كان يقول عند فراغه منها: "أو كما قال".
هكذا احتاط الصحابة رضوان الله عليهم في الرواية, وحاذروا الكذب عليه، ووضعوا نصب أعينهم شدة تحذيره منه، كانوا يعلمون أن كذبا عليه ليس ككذب على أحد, وأن من كذب عليه متعمدا يلج النار, بل إن منهم من روى ذلك من غير قيد: "متعمدا".
ولقد اعتبر صلى الله عليه وسلم أن تحديث المرء بكل ما سمع كذب, فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع" 3.