القول في الأصل الثالث من أصول الأدلة وهو الإجماع

130- والإجماع هو اتفاق المجتهدين من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - على حكم شرعي وسواء كان ذلك الحكم مما صرح به صاحب الشرع - صلى الله عليه وسلم - فدثر ولم ينقل, أو لم يصرح به, فوقع الإجماع منهم على ذلك لقرينة حال أو دليل أو غير ذلك مما يوجب الاتفاق. أما ما صرح به النبي عليه السلام ونقل نقل تواتر فلا غناء للإجماع في تصحيحه. وأما ما نقل نقل آحاد فإن الإجماع ينقله من رتبة الظن إلى رتبة القطع. وأما ما لم يصرح به أو صرح به ولم يبلغنا فإن الإجماع يستعمل دليلا قاطعا في تثبيته. أما وقوع مثل هذا شرعا فموجود وأما اطلاعنا عليه فذلك يمكن بأحد وجهين: أما إن كان المجمعون معاصرين لنا فبلقائهم. وأما إن كانوا ممن (?) سلف فبالنقل المستفيض الذي يوقع التصديق.

131- وأما الدليل على كون الإجماع حجة فمأخوذ من جهة النقل من الكتاب والسنة. فمن ذلك قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى} الآية. وهذه أقوى آية في التمسك بالإجماع. ومنها قوله تبارك وتعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} . وقوله: {كنتم خر أمة أخرجت للناس} . وقوله تعالى: {وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} .

وهذه الآيات وإن لم تكن واحدة واحدة منها نصا في كون الإجماع دليلا شرعيا فإنها بمجموعها تقتضي لهذه الأمة التعظيم والتشريف واتباع سبيلهم وموافقتهم والنهي عن مخالفتهم والخروج عن جماعتهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015