فمن كانت هذه صفته، أو ما قارب هذه الصفة، فقد تلاه حق تلاوته، ورعاه حق رعايته، وكان له القرآن شاهداً وشفيعاً وأنيساً وحرزاً، ومن كان هذا وصفه، نفع نفسه ونفع أهله، وعاد على والديه، وعلى ولده كل خير في الدنيا وفي الآخرة (?).
من قرأ القرآن للدنيا ولأبناء الدنيا، فإن من أخلاقه أن يكون حافظاً لحروف القرآن، مضيِّعاًلحدوده، متعظِّماً في نفسه، متكبِّراً على غيره، قد اتخذ القرآن بضاعة، يتآكل به الأغنياء، ويستقضي به الحوائج، يُعظِّم أبناء الدنيا ويحقر الفقراء، إن علَّم الغني رفق به طمعاً في دنياه، وإن علم الفقير زجره وعنَّفه؛ لأنه لا دنيا له يطمع فيها، يستخدم به الفقراء، ويتيه به على الأغنياء، إن كان حسن الصوت، أحب أن يقرأ للملوك، ويصلِّي بهم؛ طمعاً في دنياهم، وإن سأله الفقراء الصلاة بهم، ثقل ذلك عليه؛ لقلة الدنيا في أيديهم، إنما طلبه الدنيا حيث كانت، ربض عندها، يفخر على الناس بالقرآن، ويحتج على من دونه في الحفظ بفضل ما معه من القراءات، وزيادة المعرفة بالغرائب من القراءات، التي لو عقل لعلم أنه يجب عليه أن لا يقرأ بها، فتراه تائهاً متكبِّراً، كثير الكلام بغير تمييز، يعيب كل من لم يحفظ كحفظه، ومن علم أنه يحفظ كحفظه طلب عيبه متكبراً