شيئاً، وإنما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذُّذِ ذاتِها إيثاراً لمحبة الله ومرضاته، وهو سرٌّ بين العبد وربِّه لا يَطَّلع عليه سواه، والعباد قد يطَّلعون منه على ترك المُفطِّرات الظاهرة، وأما كونُه ترك طعامَه وشرابه وشهوته من أجل معبوده، فهو أمر لا يطَّلع عليه بَشَرٌ، وذلك حقيقة الصوم.
وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة، وحِمْيَتِها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما استلبَتْه منها أيدي الشهوات، فهو من أكبر العون على التقوى، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *} [البَقَرَة: 183] . وقال النبيُّ