ثالثًا: وعن طريق الحواس الخمس الظاهرة، فالعين ترى، والأذن تسمع وتطرب النغم، والآناف تشم، واللسان تطيب له اللذة، ويحلو المذاق، واللمس يهتز لموجات الصورة المختلفة من الصوت والدلالة، والبرق والوحي.

رابعًا: عن طريق العقل الواعي، والفكر المحدود، والذهن المجرد، وهذا قدر مشترك بين الصورة وغيرها من ألوان الفكر والعلم في مختلف النشاط الإنساني.

ب- الصورة هي أقدر الوسائل على نقل الأفكار العميقة والمشاعر الكثيفة في أوفر وقت، وأوجز عبارة، وأضيق حيز، فكلما أمعن الناظر فيها، استقطب أفكارًا جديدة، ومشاعر متجددة.

ومن هنا تتحول إلى رمز، وهو أبلغ تأثيرًا في النفس عن الحقيقة، وأكثر امتلاء من اتساع الواقع المكشوف، وتضحي النفس أسيرة إليه، مجذوبة بقوة خفية، فهي تنسى المعارف التي اكتسبتها من المكشوف الظاهر بعد قليل من الزمن، ولا تنسى من الخفي الرامز، الذي استقر فيها بعد لأي ومجاهدة، ويظل في النفس آمادًا وآبادًا، وهو سر الجمال في الصورة، وروعة الجلال في التصوير، وإن كانت تختلف فيه النسب حسب قدرات الآخرين، ودرجات الصبر والتأمل فيهم.

ج- والغاية من الصورة أن تعرض الحقائق المعروفة، والواقع المألوف، في صورة حية، ونمط روحي؛ لأنها نتجت من معامل التجربة الإنسانية في الشاعر فكانت مولوده الحي، الذي فيه بقاء شخصه، وفي ذاته استمرار حياته، فقد مرت من خلال وسط نابض بالحياة، يموج بالشعور والخواطر والأحاسيس والعواطف، فسرى في الصورة سحرها، وانتشرت الروح في أجزائها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015