وهذا هو أيضًا حديث النظم في الأسلوب؛ لأنه عملية تركيب من الألفاظ العربية الملائمة للمعاني الذهنية، والعمل على انتقاء هذه الألفاظ مبني على أساسين هما: الإعراب وألوان الخيال. وتبعًا لدقة النظم وإحكام الأسلوب تكون الصورة، ويتألف تركيبها الجيد، ومعنى هذا أن النظم الجيد والأسلوب القوي تقوم عليهما الصورة، أما النظم المضطرب والأسلوب المهلهل فلا تقوم عليهما الصورة بل يكون أسلوبًا عاديًّا لا براعة فيه ونظمًا مهلهلًا لا تصوير فيه.

وفي النقد الحديث يقرر البعض أن الأسلوب هو الصورة اللفظية التي بعر بها عن المعاني، أو نظم الكلام وتأليفه لتأدية الأفكار وعرض الخيال، ولا ينبغي أن يتصور الأسلوب من غير العناصر الأدبية وهي الأفكار، والصور الجزئية، والعبارة، والإيقاع، والعاطفة، وبهذه المقومات تكون وحدة النص في العمل الأدبي، بحيث لا يتأتى الفصل بين عناصره، ولا يسقط جزء من أجزائه1.

والصورة الأدبية هنا فرع الأسلوب، بل هي نتيجة للبراعة فيه والدقة في بناء التركيب، والعمق في رصانة الأسلوب، والإحكام في نظمه.

ويفرق الزيات بين الأسلوب والصورة، فيرى أن الأسلوب كل لا يتجزأ، يضم الفكرة والصورة معًا، بحيث لو تغيرت الصورة تتغير الفكرة، وإن تغيرت الفكرة تتغير الصورة، فالأسلوب عنده هو "الهندسة الروحية لملكة البلاغة". والبلاغة عنده هي التي لا تفصل بين "الفكرة والكلمة ولا بين الموضوع والشكل إذ الكلام كائن حي روحة المعنى وجسمه اللفظ، فإذا فصلت بينهما أصبحت الروح نفسًا لا تتمثل، والجسم جمادًا لا يحس"2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015